أفاد نهيا أو أمرا، و المحقق يعرف المراد و يضع كل شيء في موضعه.
ذكر ذلك كله شيخ الإسلام كمال الدين بن الزملكانيّ في كتاب «العمل المقبول في زيارة الرسول» قال النووي: معناه الأفضلية في شدّ الرحال إلى مسجد غير هذه الثلاثة و نقله عن الجمهور.
و قال العراقي: من أحسن محامل الحديث أن المراد منه حكم المساجد فقط، و أنه لا تشد الرحال إلى مسجد من مساجد غير هذه الثلاثة.
و أما فضل غير المساجد من الرّحلة في طلب العلم و زيارة الصالحين و الإخوان و التجارة و التنزه و نحو ذلك فليس داخلا فيه
و قد ورد ذلك مصرحا في رواية أحمد.
و لفظه: لا ينبغي للمصلي أن يشد رحاله إلى مسجد يبتغي فيه الصلاة غير المسجد الحرام و المسجد الأقصى و مسجدي هذا.
و قال الشيخ تقي الدين السّبكي: ليس في الأرض بقعة لها فضل ثوابها حتى تشدّ إليها لذلك الفضل غير البلاد الثلاثة، و لا شك أن بقاع المساجد الثلاثة و موضع قبره- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- هي أفضل بقاع الأرض، و موضع قبره- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- و مسجد مكة و المدينة أفضل من المسجد الأقصى و اختلف أيهما أفضل مسجد مكة أو مسجد المدينة.
الثالث: قال القاضي عياض بعد حكاية الخلاف: و لا خلاف أن موضع قبره- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- أفضل بقاع الأرض انتهى.
و لا ريب أن نبينا- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- أفضل المخلوقات، فليس في المخلوقات على اللّه تعالى أكرم منه، لا في العالم العلويّ و لا في العالم السفليّ كما تقدّم في الباب الأول من الخصائص قال بعضهم: كيف يمكن انفكاك المؤمن المعظّم للنبي- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- المعتقد شرف تلك البقعة أن يشدّ الرّحال إليها و يدخل المسجد و يصلي فيه و لا يصلي إلى الروضة الشريفة التي في الحجرة؟ و في الحديث أنها روضة من رياض الجنة، و كيف يصلي إلى الروضة و القبر و يعلم أن رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- يسمع كلامه إذا سلم عليه، و يرد (عليه السلام) و يسعه أن لا يقصد الحجرة الشريفة و القبر و يسلم على رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- إن وقع هذا لأحد لا يكون قلبه معمورا بحبّ النبيّ- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- و من تداركه اللّه تعالى برحمته وجد من نفسه ذلك، و كذلك لو قصد زيارة قبره- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- لم ينفك قصده عن قصد المسجد و هذا شأن الزّوّار.
الرابع: قال الإمام أبو عمر بن عبد البرّ: بعد أن ذكر حديث الصحيحين أنه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- كان يأتي مسجد قباء راكبا و ماشيا و ليس في إتيانه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- مسجد قباء ما يعارض
قوله- (صلّى اللّه عليه و سلّم)-: «لا تعمل المطيّ»
لأن قوله ذلك معناه عند العلماء فيمن نذر على نفسه صلاة