الباب التاسع و العشرون في إخباره (صلّى اللّه عليه و سلّم) عيينة بن حصن بما قاله لأهل الطائف
روى البيهقي و أبو نعيم عن عروة قال: استأذن عيينة بن حصين رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) أن يأتي أهل الطّائف يكلمهم، لعل اللّه تعالى أن يهديهم فأذن له، فأتاهم، فقال: تمسكوا بمكانكم فو اللّه لنحن أذلّ من العبيد، و أقسم باللّه لو حدث به حدث لتمسن العرب عزّ و منعة فتمسّكوا بحصنكم، و أيّاكم أن تعطوا بأيديكم و لا يتكاثرنّ عليكم قطع هذا الشجر، ثم رجع فقال له رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم): «ما ذا قلت لهم؟» قال: قلت لهم، و أمرتهم بالإسلام و دعوتهم إليه، و حذّرتهم من النار، و دللتهم إلى الجنة، قال: «كذّبت، بل قلت لهم: كذا و كذا»، فقال: صدقت، يا رسول اللّه، أتوب إلى اللّه تعالى و إليك من ذلك.
الباب الثلاثون في إخباره (صلّى اللّه عليه و سلّم) بقتل كسرى يوم قتل
روى البزّار و البيهقي و أبو نعيم عن دحية، و أبو نعيم عن سعيد بن جبير، و ابن سعد عن ابن عباس، و أبو نعيم و أبو سعد في «شرف المصطفى»، و الإمام أحمد و البزّار و الطبراني و أبو نعيم عن أبي بكرة، و الدّيلمي عن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنهم أن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) قال لرسول صاحب صنعاء: «اذهبوا إلى صاحبكم، فقولوا: إنّ ربّي قد قتل ربّكم الليلة»، و في لفظ:
«انطلقا إلى باذان فأعلماه أنّ ربي قد قتل كسرى في هذه الليلة».
و في لفظ: «أبلغا صاحبكما أن ربي قد قتل ربه كسرى في هذه الليلة، لسبع ساعات مضت منها و إن اللّه سلط عليه ابنه شيرويه فقتله»، فرجعا إلى باذان بذلك فأسلم هو و الأبناء الذين باليمن.
و في لفظ: فأخبرهما رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) بإن اللّه قد قتل كسرى و سلّط عليه ابنه شيرويه في ليلة كذا من شهر كذا بعد ما مضى من الليل، و قولا له: «إنّ ديني و سلطاني سيبلغ ما بلغ ملك كسرى، و قولا له: إن أسلمت أعطيتك ما تحت يدك»، فقدما على «باذان» فأخبراه، فقال دحية:
ثم جاء الخبر بأن كسرى قد قتل تلك الليلة.
و في لفظ: فقال باذان: فو اللّه، ما هذا بكلام ملك، و لننظر ما قال، فلم يلبث أن قدم عليه كتاب شيرويه، أمّا بعد، فإني قتلت كسرى، فلا كسرى بعد اليوم، و قد قتل قيصر، فلا قيصر بعد اليوم، فكتب قوله في الساعة التي تحدث بها و اليوم و الشّهر، فإذا كسرى قد قتل و إذا قيصر قد مات.