من اسم له و ما كان من بغي تركه أ فنحن السحرة أم أنتم؟ فقال عند ذلك النفر من بني عبد مناف و من قصيّ: نحن براء من هذه الصحيفة، و خرج النبي (صلّى اللّه عليه و سلّم) و أصحابه فعاشوا، و خالطوا الناس، و قال أبو طالب في الصحيفة:
ألم يأتكم أنّ الصّحيفة مزّقت* * * و أن كلّ ما لم يرضه اللّه يفسد
كان كاتب الصحيفة منصور بن عكرمة العبدريّ، فشّلت يده حتى يبست فما كان ينتفع بها، فكانت قريش تقول بينها: إنّ الذي صنعنا إلى بني هاشم لظلم، انظروا ما أصاب منصور بن عكرمة.
الباب السابع عشر في إخباره (صلّى اللّه عليه و سلّم) قريشا ليلة الإسراء بصفة بيت المقدس و لم يكن رآه قبل ليلة الإسراء
قد تقدم في أبواب المعراج أن المشركين قالوا له: يا محمد، صف لنا بيت المقدس كيف بناؤه، و كيف هيئته و كيف قربه من الجبل؟ فقال لهم: «بناؤه كذا و هيئته كذا» حتى التبس عليه النعت فوضع جبريل له بيت المقدس و سألوه عن أبوابه، و لم يكن أتاها فجعل ينظر إليه و يخبرهم بها، و أبو بكر يقول: صدقت، صدقت فراجعها إن شئت.
الباب الثامن عشر في إخباره (صلّى اللّه عليه و سلّم) نوفل بن الحارث بماله الذي خبأه بجدة
روى البيهقي عن العباس بن عبد المطلب أنه قال: يا رسول اللّه، إني قد كنت مسلما فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم): «اعلم بإسلامك فإن يكن كما تقول فاللّه يجزيك بذلك فأما ظاهر منك فكان علينا فافد نفسك و ابني أخيك نوفل بن الحارث بن عبد المطلب و عقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب و حليفك عتبة بن عمرو أخي بني الحارث بن فهر»، قال: ما إخال ذاك عندي يا رسول اللّه. قال: «فأين المال الذي دفنته أنت و أم الفضل، فقلت لها: إن أصبت في سفري فهذا المال لبني الفضل بن العباس و عبد اللّه بن العباس و قثم بن العباس؟» فقال لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم): و اللّه يا رسول اللّه إني لأعلم أنك رسول اللّه إنّ هذا شيء ما علمه أحد غيري و غير أم الفضل فاحسب لي يا رسول اللّه ما أصبتم مني عشرين أوقية من مال كان معي فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم): «لا ذاك شيء أعطاناه اللّه تعالى منك» ففدى نفسه و ابني أخويه و حليفه، و أنزل اللّه عز و جل يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ