قال القاضي جلال الدّين البلقينيّ: و هذا الّذي قاله حسن متّجه، و قال القاضي أبو الطّيّب في تعليقه: إنّما كان من خصائصه (صلّى اللّه عليه و سلّم) لشيئين:
أحدهما: أن اللّه تعالى ضمن له النّصرة و الظّفر، و قال له: فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ [الحجر 94].
و الثاني: أنه لو لم يكن ينكره، لكان يوهم أن ذلك جائز، و أن أمره بتركه منسوخ.
و قال غيره: الدّليل على ذلك أنّ اللّه تعالى وعده بالعصمة، فقال تعالى: وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ [المائدة/ 67]، فلم يكونوا يصلوا إليه بسوء، و لو وصلوا إليه قلّوا أو كثروا [لم يمسّوه بشيء] قال: وجه الدّلالة على ذلك
قوله (صلّى اللّه عليه و سلّم): «لا ينبغي لنبيّ إذا لبس لأمته أن ينزعها حتّى يقاتل عدوّه» و في رواية: «حتى يتأخّر عدوّه».
فإذا كان لبس الّلأمة التي هي مظنّة الوقاية موجبة له (صلّى اللّه عليه و سلّم) على ملاقاة العدوّ و مقاتلته و مناجزته، فكيف عند مشاهدة العدوّ، و انتظام الشّمل به (صلّى اللّه عليه و سلّم)، فإنّه لو ولّى لم ينتظم لهم شمل، فإذا ثبت انتظم شملهم بوجوده (صلّى اللّه عليه و سلّم) كما انشق يوم حنين، فإنّ غالب الصحابة ولّوا مدبرين عن ملاقاة العدو، و ثبت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) في عشرة من أصحابه فتقدّم في وجه العدوّ، حتى نصره اللّه تعالى، و تراجع إليه أصحابه قال: ثم رأيت الأوزاعي نقل عن البغويّ الإشارة إلى ما قلناه.
تنبيه:
قال الجلال البلقينيّ و الخضيري: أطلق الأصحاب مصابرة العدوّ في حقّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) و لم يبيّنوا هل ذلك مع الجيش أو وحده؟ بحيث لو رأى الجيش ولّى و لم يكن معه أحد من الصّحابة هل يجب عليه الثّبات لهم؟ زاد الخضيري: لكنّ عموم كلامهم يقتضيه، و هو ظاهر ما تقدّم عن الماورديّ.
الثالثة عشرة:
و بأنّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) إذا بارز رجلا في الحرب لم ينفكّ عنه قبل قتله لما تقدّم.
الرابعة عشرة:
و بوجوب الإنكار [المنكر].
الخامسة عشرة:
و تغيير منكر رآه.
السادسة عشرة:
و أنّه لا يسقط للخوف.
السابعة عشرة:
و لا إذا كان المرتكب يزيد فيما هو فيه عنادا.
الثامنة عشرة:
و بوجوب إظهار الإنكار كما في «الذّخائر».
قال القاضي أبو الطّيّب: و إنّما كان ذلك من الخصائص لشيئين.
أحدهما: أنّ اللّه تعالى ضمن له النّصرة و الظّفر، و قال له: فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ [الحجر/ 94].