الباب الرابع فيما اختص به- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- في أمته في الآخرة و فيه مسائل:
الأولى:
اختصّ (صلّى اللّه عليه و سلّم) بأنّ أمّته أوّل من تنشقّ عنهم الأرض.
روى أبو نعيم عن ابن عباس قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم): «أرسلت إلى الجن و الإنس و إلى كل أحمر و أسود و أحلت لي الغنائم دون الأنبياء، و جعلت لي الأرض كلها مسجدا و طهورا، و نصرت بالرعب أمامي شهرا، و أعطيت خواتم سورة البقرة، و كانت من كنوز العرش، و خصصت بها دون الأنبياء، و أعطيت المثاني مكان التّوراة و المئين مكان الإنجيل، و الحواميم مكان الزبور، و فصّلت بالمفصل و أنا سيد ولد آدم في الدنيا و الآخرة، و لا فخر، و أنا أول من تنشق الأرض عني، و عن أمتي و لا فخر و بيدي لواء الحمد يوم القيامة، و جميع الأنبياء تحته و لا فخر و إليّ مفاتيح الجنة يوم القيامة و لا فخر، و بي تفتح الشافعة و لا فخر، و أنا سابق الخلق إلى الجنة و لا فخر، و أنا إمامهم و أمتي بالأثر».
الثانية:
و بأنّهم يأتون يوم القيامة غرا محجّلين من آثار الوضوء.
الثالثة:
و بأن لهم سيما في وجوههم من أثر السّجود.
قال اللّه سبحانه و تعالى: سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ [الفتح/ 29].
الرابعة:
و بأنّهم يؤتون كتبهم بأيمانهم.
الخامسة:
و بأنّ ذرّيّتهم تسعى بين أيديهم.
روى الشيخان عن أبي هريرة- رضي اللّه تعالى عنه- قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم): «إنّ أمّتي يدعون يوم القيامة غرّا محجّلين من آثار الوضوء».
و روى مسلم عن حذيفة قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم): «إنّ حوضي أبعد من أيلة من عدن، إني لأذود عنه الرّجل كما يذود الرّجل الإبل الغريبة عن حوضه، قيل: يا رسول اللّه، أ تعرفنا؟
قال: نعم، تردون عليّ غرّا محجّلين من أثر الوضوء و سيماكم ليست لأحد غيركم».
و روى الإمام أحمد، و البزّار عن أبي الدّرداء- رضي اللّه تعالى عنه- قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم): «أنا أوّل من يؤذن له بالسّجود يوم القيامة، و أنا أوّل من يرفع رأسه فأنظر إلى بين يديّ، فأعرف أمّتي من بين الأمم، و من خلفي مثل ذلك، و عن يميني مثل ذلك، و عن شمالي مثل ذلك، فقال رجل: يا رسول اللّه، كيف تعرف أمّتك من بين الأمم فيما بين نوح إلى أمّتك؟
قال: هم غرّ محجّلون من أثر الوضوء ليس أحد كذلك غيرهم، و أعرفهم أنهم بأيمانهم تسعى