فقالت اليهود: ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئا إلا خالفنا به.
و في كتب التفسير: كانت النصارى يجامعون الحيّض، و لا يبالون بالحيض، و كانت اليهود يعتزلونهنّ في كل شيء، فأمر اللّه بالقصد بين الأمرين. انتهى.
الحادية و الثلاثون بعد المائة:
و بإتيان المرأة على أيّ هيئة شاءوا، روى أبو داود و الحاكم، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: كان أهل الكتاب لا يأتون النساء إلا على حرف، و ذلك أستر ما تكون المرأة، و كان هذا الحيّ من الأنصار قد أخذوا بذلك من فعلهم، كانوا يرون أن لهم فضلا على غيرهم من العلم، فأنزل اللّه تعالى: نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ [البقرة 223]، مقبلات، و مدبرات، و مستلقيات.
و روى ابن أبي شيبة، عن قرّة الهمداني قال: كان اليهود يكرهون الإبراك، فأنزل اللّه تعالى: نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ [البقرة 223] الآية، فرخّص للمسلمين أن يأتوا النساء في الفروج كيف شاءوا و أنّى شاءوا، من بين أيديهنّ أو من خلفهن.
الثانية و الثلاثون بعد المائة:
و بأنه شرع التّخيير بين القصاص و الدّية.
روى البخاري، و ابن جرير، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: كان في بني إسرائيل القصاص، و لم تكن فيهم الدّية في نفس أو جرح، و ذلك قوله تعالى: وَ كَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ [المائدة 45]، فقال اللّه تعالى لهذه الأمة: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَ الْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَ الْأُنْثى بِالْأُنْثى، فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَ أَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ [البقرة 178] فالعفو أن يقبل الدّية في العمد ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ رَحْمَةٌ [البقرة 178] مما كان على من كان قبلكم.
روى ابن جرير، عن قتادة رضي اللّه عنه قال: كان أهل التوراة، إنما هو القصاص أو العفو ليس بينهما أرش، و كان على أهل الإنجيل إنما هو عفو أمروا به، و جعل اللّه تعالى لهذه الأمة القتل، و العفو، و الدّية، إن شاءوا أحلّها لهم، و لم تكن لأمّة قبلهم.
الثالثة و الثلاثون بعد المائة:
و بأنه شرع دفع الصّائل، و كانت بنو إسرائيل كتب عليهم أن الرجل إذا بسط يده إلى الرجل لا يمتنع منه حتى يقتله أو يدعه، قاله مجاهد، و ابن جريج.