يوما بداء العمر أم يوم يأسه* * * و ما منهما إلّا أغرّ محجّل
و من المعلوم علما جليّا أن يوم بداءة العمر أفضل من يوم يأسه، لكن البدء لما لم يكن يكمل و يستتب إلا باليأس، أشكل عليه الأمر، فقال ما قال، و كذلك أمر المطر و الأمة، انتهى.
التاسعة و الثمانون:
و بأنها آخر الأمم، ففضحت الأمم عندهم، و لم يفضحوا.
التسعون:
و بأن اللّه تعالى اشتقّ لهم اسمان من أسمائه.
الحادية و التسعون:
و بأنه تعالى سمّى دينه الإسلام، و لم يوصف بهذا الوصف إلا الأنبياء، قال سبحانه و تعالى: هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ [الحج 78].
روى إسحاق بن راهويه، و ابن أبي شيبة في المصنّف، عن مكحول قال: كان لعمر على رجل من اليهود حق، فأتاه يطلبه، فقال عمر: لا و الذي اصطفى محمدا على البشر لا أفارقك فقال اليهودي: و اللّه ما اصطفى اللّه محمدا على البشر، فلطمه عمر
فأتى اليهودي النبي (صلّى اللّه عليه و سلّم) فأخبره فقال: «أما أنت يا عمر، فأرضه من لطمته، بل يا يهودي، آدم صفيّ اللّه، و إبراهيم خليل اللّه، و موسى نجيّ اللّه، و عيسى روح اللّه، و أنا حبيب اللّه، بل يا يهودي تسمّى اللّه باسمين، سمّى بهما أمّتي، هو السلام، و سمّى بها أمّتي المسلمين، و هو المؤمن، و سمّى بها أمّتي المؤمنين، بل يا يهوديّ، طلبتم يوما دخر لنا اليوم، و لكم غد، و بعد غد للنصارى، بل يا يهوديّ، أنتم الأوّلون، و نحن السابقون يوم القيامة، بل إنّ الجنّة محرّمة على الأنبياء حتى أدخلها و هي محرّمة على الأمم حتى تدخلها أمّتي».
و روي عن عبد اللّه بن زيد الأنصاري رضي اللّه عنه قال: تسمّوا بأسمائكم التي سماكم اللّه تعالى بها بالحنفيّة، و الإسلام، و الإيمان. انتهى.
الثانية و التسعون:
و بإباحة الكنز إذا أدّوا زكاته.
الثالثة و التسعون:
و بأنه أحلّ لهم كثيرا مما شدّد على من قبلهم.
الرابعة و التسعون:
و بأنه لم يجعل عليهم في الدّين من حرج، قال اللّه سبحانه و تعالى:
وَ ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [الحج 78] و قال عز و جل: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَ لا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ [البقرة 185].
روى الإمام أحمد عن حذيفة رضي اللّه عنه قال: سجد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) يوما، فلم يرفع، حتى ظننّا أنّ نفسه قد قبضت فيها، فلما رفع قال: «إنّ ربّي استشارني في أمّتي» الحديث، و فيه «و أحلّ لنا كثيرا مما شدّد على من قبلنا، و لم يجعل علينا في الدّين من حرج، فلم أجد لي شكرا إلا هذه السّجدة».