responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : سبل الهدى و الرشاد في سيرة خير العباد نویسنده : محمد بن يوسف الصالحي الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 356

روى الإمام أحمد، و الترمذي و حسّنه، و ابن ماجة، و الحاكم، عن معاوية بن صيدة رضي اللّه عنه أنه سمع النبي (صلّى اللّه عليه و سلّم) يقول في الآية: «إنّكم تتمون سبعين أمّة، أنتم خيرها، و أكرمها على اللّه».

الثامنة و الثمانون:

و بأنّها مثل المطر، لا يدرى أوّله خير أم آخره.

قال التّوربشتي: لا يحمل هذا الحديث على التّردّد في فضل الأول على الآخر، فإن القرن الأول هم المفضّلون على سائر القرون من غير شبهة، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، و إنما المراد بهم نفعهم في بث الشريعة و الذّبّ عن الحقيقة.

و قال البيضاوي: نفى تعلّق العلم بتفاوت طبقات الأمّة في الخيرية، و أراد به نفي التّفاوت كما قال تعالى: [قُلْ أَ تُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِما لا يَعْلَمُ فِي السَّماواتِ وَ لا فِي الْأَرْضِ‌ [يونس 18] أي بما ليس فيهن كأنه قال لو كان لعلم لأنه أمر لا يخفى و لكن لا يعلم‌] لاختصاص كل طبقة منهم بخاصية، و فضيلة توجب خيريتها كما أن كل نوبة من نوب المطر لها فائدة في النشو، و النماء، لا يمكنك إنكارها، و الحكم بعدم نفعها، فإنّ الأولين آمنوا بما شاهدوا من المعجزات، و تلقّوا دعوة الرسول (صلّى اللّه عليه و سلّم) بالإجابة و الإيمان، و الآخرين آمنوا بالغيب، لما تواتر عندهم من الآيات، و اتّبعوا من قبلهم بالإحسان، و كما أن المتقدمين اجتهدوا في التّأسيس و التّمهيد، فالمتأخّرون بذلوا وسعهم في التلخيص و التجريد، و صرفوا عمرهم في التقرير و التأكيد، فكلّ ذنبهم مغفور، و سعيهم مشكور، و أجرهم موفور.

و قال الطيبي: و تمثيل الأمة بالمطر، إنما يكون بالهدى و العلم كما أن تمثيله (صلّى اللّه عليه و سلّم) الغيث بالهدى و العلم فتختص هذه الأمة المشبّهة بالمطر، بالعلماء الكاملين منهم المكمّلين لغيرهم فيستدعي هذا التفسير أن يراد بالخير النّفع، فلا يلزم من هذا المساواة في الأفضليّة، و لو ذهب إلى الخيريّة، فالمراد وصف الأمة قاطبة، سابقها و لاحقها، و أوّلها و آخرها، [بالخير و أنها ملتحمة بعضها مع بعض مرصوصة بالبنيان‌] كالحلقة المفرغة، لا يدرى أين طرفاها و في أسلوب هذا الكلام قول الأنمارية: هم كالحلقة المفرغة لا يدري أين طرفاها تريد المكملة، و يلمح إلى هذا المعنى قول الشاعر:

إنّ الخيار من القبائل واحد* * * و بنو حنيفة كلّهم أخيار

فالحاصل أن الأمة بأسرها مرتبطة بعضها مع بعض في الخيرية، بحيث أبهم أمرها فيها و ارتفع التّمييز بينها، و إن كان بعضها أفضل من بعض في نفس الأمر، و هو قريب من باب سوق المعلوم مساق غيره، و في معناه أنشد مروان بن أبي حفصة:

تشابه يوماه علينا فأشكلا* * * فما نحن ندري أي يوميه أفضل‌

نام کتاب : سبل الهدى و الرشاد في سيرة خير العباد نویسنده : محمد بن يوسف الصالحي الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 356
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست