responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دلائل النبوة و معرفة أحوال صاحب الشريعة نویسنده : أبو بكر البيهقي    جلد : 5  صفحه : 310

(1)


[ ()] بغزوة تبوك تمت كلمة ربك في شبه جزيرة العرب كلها، و أمن محمد كل عادية عليها. و الحق انه لم يكد يستقر بعد ان عاد من هذه الغزوة الى المدينة حتى بدأ كل من اقام على شركه من اهل شبه الجزيرة يفكر. و لئن كان المسلمون، الذين صحبوا محمدا في مسيره الى الشام كابدوا من صنوف المشاق و احتملوا من القيظ و الظمأ أهوالا، قد عادوا و في نفوسهم شي‌ء من السخط ان لم يقاتلوا و لم يغنموا بسبب انسحاب الروم الى داخل الشام ليتحصنوا بمعاقلهم فيها- لقد ترك هذا الانسحاب في نفوس قبائل العرب المحتفظة بكيانها و بدينها أثرا عمقا، و ترك في نفوس قبائل الجنوب باليمن و حضرموت و عمان أثرا أشد عمقا. أليس الروم هؤلاء هم الذين غلبوا الفرس و استردوا منهم الصليب و جاءوا به الى بيت المقدس في حفل عظيم، و فارس كانت صاحبة السلطان على اليمن و على البلاد المجاورة لها أزمانا طويلة! فإذا كان المسلمون على مقربة من اليمن و من غيرها من البلاد العربية جمعاء، فما أجدر هذه البلاد بأن تتضام كلها في تلك الوحدة التي تستظل بعلم محمد، علم الإسلام، لتكون بمنجاة من تحكم الروم و الفرس جميعا! و ما ذا يضر أمراء القبائل و البلاد ان يفعلوا و هم يرون محمدا يثبت من جاءه معلنا الإسلام و الطاعة في إمارته و على قبيلته؟! فلتكن السنة العاشرة للهجرة إذا سنة الوفود، و ليدخل الناس في دين اللّه أفواجا، و ليكن لغزوة تبوك و لانسحاب الروم امام المسلمين من الأثر أكثر مما كان لفتح مكة و الانتصار في حنين و حصار الطائف.

و قد أفرد الحافظ العلامة الشيخ برهان الدين البقاعي (رحمه اللّه تعالى) الكلام على تفسير سورة النصر إعلاما بتمام الدين اللازم عن مدلول اسمها، اللازم عن موت النبي (صلّى اللّه عليه و سلّم) اللازم عنه العلم بأنه ما برز إلى عالم الكون و الفساد إلا لإعلاء كلمة اللّه تعالى و إدحاض كلمة الشيطان، اللازم عنه أنه (صلّى اللّه عليه و سلّم) خلاصة الوجود و أعظم عبد للمولى الودود [و على ذلك دل ايضا اسمها على التوديع و حال نزولها و هو أيام التشريق من سنة حجة الوداع.

« (بسم اللّه) الذي له الأمر كله فهو العليم الحكيم، (الرحمن) الذي أرسلك رحمة للعالمين، فعمهم بعد نعمة الإيجاد بأن بين لهم إقامة معاشهم و معادهم بك طريق النجاة و غاية البيان بما أنزل عليك من معجز القرآن الذي من سمعه فكأنما سمعه من اللّه. (الرحيم) الذي خص من أراده بالإقبال [به‌] الى حزبه و جعله من اهل قربه [بلزوم الصراط المستقيم‌] لما دلت التي قبلها على أن الكفار قد صاروا الى حال لا عبرة لهم فيه و لا التفات إليهم، و لا خوف بوجه منهم ما دام الحال على المتاركة كأنه قيل فهل يحصل نصر عليهم و ظفر بهم [بالمعاركة]، فأجاب بهذه الصورة بشارة للمؤمنين و نذارة للكافرين.

«و لكنه لما لم يكن ذلك بالفعل إلا عام حجة الوداع يعني بعد فتح مكة بسنتين كان كأنه لم يستقر الفتح إلا حينئذ، فلم ينزل سبحانه هذه السورة إلا في ذلك الوقت و قبل منصرفه من غزوة حنين قبل ذلك. فقال تعالى: (جاء) [و لما كانت المقدرات متوجهة من الأزل إلى أوقاتها المعينة لها، يسوقها إليها سائق القدرة فتقرب منها شيئا فشيئا كانت كأنها آتية إليها فلذلك حصل التجوز بالمجي‌ء عن‌

نام کتاب : دلائل النبوة و معرفة أحوال صاحب الشريعة نویسنده : أبو بكر البيهقي    جلد : 5  صفحه : 310
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست