نام کتاب : إمتاع الأسماع بما للنبي من الأحوال و الأموال و الحفدة و المتاع نویسنده : المقريزي، تقي الدين جلد : 4 صفحه : 89
الأفهار [1] و إن كان عجزها لدبراء [2] مما ننخسها، و جعل أهل الحاضر يقولون لرعيانهم: ابلغوا حيث تبلغ غنم حليمة، فيبلغون، فلا تأتي مواشيهم إلا كما كانت تأتي قبل ذلك، و لقد كان رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم) يمس ضرع شاة لهم يقال لها «أطلال»، فما يطلب منها ساعة من الساعات إلا حلبت غبوقا و صبوحا، و ما على الأرض شيء تأكله دابة [3].
فحدثني عبد الصمد بن محمد السعدي عن أبيه عن جده قال: حدثني بعض من كان يرعى غنم حليمة أنهم كانوا يرون غنمها ما ترفع رءوسها، و يرى الخضر في أفواهها و أبعارها، و ما تزيد غنمنا على أن تربض [4]، ما تجد عودا تأكله، فتروح الغنم أغرث [5] منها حين غدت، و تروح غنم حليمة يخاف عليها الحبط [6].
قالوا: فمكث سنتين (صلى اللَّه عليه و سلم) حتى فطم، فكأنه ابن أربع سنين، فقدموا به على أمه زائرين لها، و هم أحرص شيء على رده مكانه، لما رأوا من عظيم بركته، فلما كانوا بوادي السّرر لقيت نفرا من الحبشة و هم خارجون منها، فرافقتهم، فسألوها، فنظروا إلى رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم) نظرا شديدا، ثم نظروا إلى خاتم النبوة بين كتفيه، و إلى حمرة في عينيه، فقالوا: يشتكي أبدا عينيه للحمرة التي فيها؟ قالت:
لا، و لكن هذه الحمرة لا تفارقه، فقالوا: هذا و اللَّه نبي، فغالبوها عليه، فخافتهم أن يغلبوها، فمنعه اللَّه عزّ و جلّ، فدخلت به على أمه، و أخبرتها بخبره، و ما رأوا من بركته، و خبر الحبشة، فقالت أمه: ارجعي بابني فإنّي أخاف عليه وباء مكة، فو اللَّه ليكونن له شأن، فرجعت به.