نام کتاب : إمتاع الأسماع بما للنبي من الأحوال و الأموال و الحفدة و المتاع نویسنده : المقريزي، تقي الدين جلد : 4 صفحه : 88
تجول في الدار، و تجد شارفها قائمة تقصع بجرّتها [1]، فقالت لزوجها: إن هذا المولود لمبارك! فقال أبوه: قد رأينا بعض بركته.
قال: ثم عمد إلى شاتها فحلبها قعبا فسقى حليمة، ثم حلبها قعبا آخر فشرب حتى روى، و لمس ضرعها فإذا هي بعد حافل، فحلب قعبا آخر فحقنه في سقاء [2] له ثم حدجوا [3] أتانها فركبتها حليمة، و ركب الحرث شارفهم، و حملت حليمة رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم) بين يديها على الأتان فطلعا على صواحبها بوادي السّرر مرتعات و هما يتواهقان في السير، فقلن: هي حليمة و زوجها، ثم قلن: هذا حمار أنجى من حمارتها، و هذا بعير أنجى من بعيرها، و ما يقدران على أن يضبطا رءوسهما حتى نزلت معهن فقلن: يا حليمة! ما ذا صنعت؟ قالت: أخذت و اللَّه خير مولود رأيته قط و أعظمه بركة، فقالت النسوة: أ هو ابن عبد المطلب؟ قالت: نعم، و أخبرتهن بما قالت آمنة في رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم) و ما أمرتها أن تسأل عنه، و ما رأت حليمة من إقبال درّها و درّ لقوحها و ما رأوا من نجاء الأتان و اللقحة، فقالت حليمة: فما رحلنا من منزلنا حتى رأيت الحسد في بعض نسائنا [فيمرون بسنح [4] من هذيل على عراف كبير، فقالت النسوة: سلي هذا، فجاءت حليمة إليه برسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم) و أخبرته خبره و ما قالت فيه آمنة، فصاح الهذلي: يا آل هذيل! اقتلوه .. اقتلوه، و آلهته ليمكن في الأرض و إنه لينتظر من السماء أمرا، فرحن إلى بلادهن، و إنما اعتاف العائف في قبض النبي (صلى اللَّه عليه و سلم) التراب حين ولد] [5].
قالت: فقدمنا على عشرة أعنز ما يرمن البيت هزالا فإن كنا لتريح الإبل و إنها لحفل، فنحلب و نشرب، و نحلب شارفنا غبوقا و صبوحا [6]، و إني لأنظر إلى الشارف قد نضبت في سنامها، و انظر إلى عجز الأتان فكأن فيها
[1] تقصع بجرتها: تجتر، و ذلك يعني أنها كانت قد أكلت فامتلأت.
[2] في (خ): «سقاية»، و ما أثبتناه من (دلائل أبي نعيم).