نام کتاب : إمتاع الأسماع بما للنبي من الأحوال و الأموال و الحفدة و المتاع نویسنده : المقريزي، تقي الدين جلد : 4 صفحه : 149
الحجة التاسعة
لو لم يكن محمدا (صلى اللَّه عليه و سلم) صادقا لكان المسيح كاذبا، لكن المسيح ليس بكاذب، فمحمد صادق، [و] [1] بيان الملازمة أن المسيح (عليه السلام) قال في الإنجيل: ما من خفي إلا سيظهر، و لا مكتوما إلا سيعلن.
هذه نكتة في سياق النفي فتقتضي العموم، و إن كل خفي لا بد أن سيظهر بعد صدق محمد (صلى اللَّه عليه و سلم) في دعواه، إما إن كان ظاهرا أو خفيا، فإن كان ظاهرا كان يجب أن لا يتابعه أحد، و إن تابعه لرهبة أو رغبة فبالظاهر دون الباطن، حتى إذا زالت رغبته أو رهبته بزوال رجع عنه، لأن عاقلا لا يختار الباطل على الحق، و لا الكذب على الصدق، فكيف بهذا الجمع الكثير و الجم الغفير في أقطار الأرض يختارون ذلك؟ هذا محال.
و إن كان خفيا وجب أن يظهر، لا سيما مع دهاء العرب و ذكائهم و فطنتهم و صحة طبعهم و فصاحتهم، فقد كان فيهم الكهنة و المنجمون، و الزيارج [2] و المتطيرون، و أكثرهم يصيبون و لا يخطئون، و أذكياؤهم كثير لا يحصرهم عدد، و قد كانوا يستخرجون بأذهانهم ما يشبه السحر كما هو معروف في أخبارهم، و كفاهم أن ابن المقفع فيلسوف الفرس شهد لهم بالفضيلة على الفرس و الروم و سائر الأمم، فمن المحال عادة أن يخفى عليهم أمر محمد (صلى اللَّه عليه و سلم) لو كان باطلا.
فدل على أنهم ما هرعوا إليه مع كونه أول الإسلام كان في نفر قليل مستضعف إلا و قد علموا صدقه، فصح قولنا: لو لم يكن محمد صادقا لكان المسيح كاذبا، فبالاتفاق منا و منكم، و لو تورعنا في صدقه لما وافقنا، لأنّا نحن أحق به منكم.