responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إمتاع الأسماع بما للنبي من الأحوال و الأموال و الحفدة و المتاع نویسنده : المقريزي، تقي الدين    جلد : 4  صفحه : 139

و أما بعثة الرسل هل هي جائزة أو واجبة؟

فاعلم أن المؤمنين بالرسل اختلفوا: هل البعثة جائزة أو واجبة؟ فقال عامة المتكلمين بعثة الرسل جائزة، و عند المحققين أنها واجبة، و لا يعنون أنها تجب على اللَّه تعالى بإيجاب أحد و لا بإيجابه على نفسه، بل يعنون أنها متأكدة الوجود لأنها من مقتضيات الحكمة، فيكون عدمها من باب السفه، و هو محال على الحكيم، و هذا كما أن علم اللَّه وجوده يجب لكون عدمه يوجب الجهل، و هو محال على العليم.

و دليل الجواز أن ورود التكليف بالإيجاب و الحظر و الإطلاق و المنع ممن له الملك في مماليكه ليس مما يأباه العقل أو ندفعه الدلائل، فله أن يتصرف في كل شخص من أشخاص بني آدم بأي شي‌ء شاء من وجوه التصرف، منعا كان أو إطلاقا، حظرا كان أو إيجابا، ثم يعلمهم ذلك إما بتخليق العلم فيهم أو بتخصيص بعض عباده بالعلم من جنسهم أو من خلاف جنسهم، بإفهام صحيح أو بوحي صريح.

و دليل الواجب أن في بعثة الأنبياء من الفوائد و الحكم ما لا يفى:

فمنها: تأكيد دليل العقل بدليل النقل، و منها قطع عذر المكلف على ما قال اللَّه تعالى: لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ‌ [1]، و قال: وَ لَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقالُوا [2].

و منها: أن اللَّه عز و جل خلق الخلق محتاجين إلى الغذاء للبقاء، و إلى الدواء للسقام و لحفظ الصحة و إزالة العلل العارضة، و خلق السموم القاتلة، و العقل لا يقف عليها، و التجربة لا تفي بمعرفتها إلا بعد الأدواء، و مع ذلك فيها خطر، و في بعثة الأنبياء معرفة طبائعها من غير خطر.

و منها: لو فوض كيفية العبادة إلى الخلق لجاز أن تأتي كل طائفة بوضع خاص، ثم أخذوا يتعصبون لها، فيقضي إلى الفتن.

و منها: أن ما يفعله الإنسان بمقتضى عقله يكون كالفعل المعتاد، و المعتاد لا يكون عبادة بخلاف ما يفعله امتثالا فإنه يكون محض العبادة، و لذلك ورد الأمر بالأفعال الغريبة كالحج، و المقادير التي لا تفعل في غير ذلك.


[1] النساء: 165.

[2] طه: 134، و تمامها لَقالُوا رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَ نَخْزى‌.

نام کتاب : إمتاع الأسماع بما للنبي من الأحوال و الأموال و الحفدة و المتاع نویسنده : المقريزي، تقي الدين    جلد : 4  صفحه : 139
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست