نام کتاب : إمتاع الأسماع بما للنبي من الأحوال و الأموال و الحفدة و المتاع نویسنده : المقريزي، تقي الدين جلد : 3 صفحه : 96
فأما أنه (صلى اللَّه عليه و سلم) رحمة للعالمين
فقد قال تعالى: وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ[1]، و ذلك أن أعداءه أمنوا من العذاب مدة حياته، قال تعالى: وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ[2]، فلم يعذبهم اللَّه تعالى حتى ذهب عنهم إلى ربه، فأنزل بهم ما أوعدهم من قبل و أشد، و ذلك قوله تعالى: فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ[3].
خرج الحرث بن أبي أسامة من حديث على بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة قال: قال رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم): بعثني اللَّه رحمة و هدى للعالمين،
و هو هدي الدعاء و البيان.
و رواه محمد بن إسحاق من حديث الفرح بن فضالة عن علي بن يزيد به و لفظه: إن اللَّه بعثني رحمة للعالمين و هدى للمتقين،
و هو هدى التعريف و الاستهداء.
و قال يزيد بن كيسان عن أبي حازم عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه قال: قيل يا رسول اللَّه، ألا تدعو على المشركين؟ قال: إنما بعثت رحمة و لم أبعث عذابا،
فإن قيل: كيف يكون رحمة للعالمين و قد أنزل بمن عاداه الذل و الصّغار، فحطّم بعد الرفعة، و أهانهم بعد المنعة، و صيرهم بعد الملك إلى الهلك، بأن حوى أموالهم، و سبى حريمهم، و ملك معاقلهم، و قتل حماتهم، ثم إن أصحابه من بعده دوخوا ممالك الأرض بدعوته، فاجتاحوا العرب من بني حنيفة و غيرهم عند ارتدادهم عن ملته، و مزقوا ملك كسرى و ملك فارس، و أذلوا الفرس، و شردوا قيصر ملك الروم عن الشام و الجزيرة، و قتلوا الروم و الفرس أبرح قتل، و غلبوا قبط مصر و جبروهم أن يعطوا الجزية عن يد و هم صاغرون بعد ما ملكوا ديارهم و أموالهم