نام کتاب : إمتاع الأسماع بما للنبي من الأحوال و الأموال و الحفدة و المتاع نویسنده : المقريزي، تقي الدين جلد : 3 صفحه : 215
و إذا كان في الملك و توابعه نقيصة، نقص عدد أتباع رعيته، ففي اختيار اللَّه له (صلى اللَّه عليه و سلم) أن أمده بكل ما بالملوك إليه حاجة، ليدعو الناس إلى اتباعه، و لذلك قال قوم شعيب: ما نَفْقَهُ كَثِيراً مِمَّا تَقُولُ وَ إِنَّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً وَ لَوْ لا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ[1] الآية. و قال فرعون لموسى: أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَ لا يَكادُ يُبِينُ[2]، فأزرى فرعون به ليثبط بذلك القوم عن اتباعه، حتى شكا موسي إلى اللَّه تعالي و سأله أن يحل العقدة عن لسانه ليفقهوا قوله، و قال: وَ أَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي[3]، فدل ذلك على أن الملك لا يجعل إلا في أهل الكمال و المهابة، و هاتان الخصلتان لا توجدان في غير ذوي الأحساب.
فجل اللَّه تعالي لنبيه محمد (صلى اللَّه عليه و سلم) من الحظوظ أوفرها، و من السهام أوفاها و أكثرها، و لذلك
قال (عليه السلام) فأنا من خيار إلى خيار،
و جعله أيضا من أفضل البقاع مولدا و مسكنا و مخرجا، و هي البقعة التي افترض اللَّه على جميع الموحدين من المستطيعين حجّها، فكان بهذا أيضا أفضلهم نفسا و حسبا و دارا (صلى اللَّه عليه و سلم)، و لذلك سأل هرقل أبا سفيان بن حرب عن حسبه فقال: كيف حسبه فيكم؟ فقال: هو من أوسطنا حسبا، فقال له هرقل: كذلك الأنبياء.