نام کتاب : إمتاع الأسماع بما للنبي من الأحوال و الأموال و الحفدة و المتاع نویسنده : المقريزي، تقي الدين جلد : 3 صفحه : 156
دلت الآية بإطلاقها على وجوب طاعة الرسول، و الآتي بمثل ما فعله الغير لأجل أن ذلك الغير فعله طائع لذلك الغير، فوجب أن يكون ذلك واجبا.
و سابعها: قوله تعالى: فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها[1]، بين أنه تعالى إنما زوجه لها ليكون حكم أمته مساويا لحكمه في ذلك و هو المطلوب.
و أما الإجماع فلأن الصحابة بأجمعهم اختلفوا في الغسل بالتقاء الختانين، فقالت عائشة رضي اللَّه عنها: فعلته أنا و رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم) فاغتسلنا، فرجعوا إلى ذلك، و إجماعهم على الرجوع حجة، و هو المطلوب.
و إنما كان ذلك لفعل رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم)، فقد أجمعوا ها هنا على أن مجرد الفعل للوجوب، و لأنهم واصلوا الصيام لما واصل، و خلعوا نعالهم لما خلع، و أمرهم عام الحديبيّة بالتحلل فتوقفوا، فشكا ذلك إلى أم سلمة رضي اللَّه عنها فقالت: اخرج إليهم فاحلق و اذبح، ففعل، فحلقوا و ذبحوا مسارعين، و أنه خلع خاتمه فخلعوا، و أن عمر رضي اللَّه عنه كان يقبل الحجر الأسود و يقول: إني لأعلم أنك حجر لا تضر و لا تنفع، و لو لا أني رأيت رسول اللَّه يقبلك لما قبلتك، و أما خلع الخاتم فهو مباح، فلما خلع أحبوا موافقته لا لاعتقادهم وجوب ذلك عليهم.
و الجواب عن الوجه الأول من المعقول أن الاحتياط إنما يصار إليه إذا خلا عن الضرر قطعا، و ها هنا ليس كذلك لاحتمال أن يكون ذلك الفعل حراما، و إذا احتمل الأمران لم يكن المصير إلى الوجوب احتياطا.
و عن الثاني إن ترك الإتيان بمثل ما يأتي به الملك العظيم قد يكون تعظيما، و لذلك يقبح من العبد أن يفعل كل ما يفعله سيده، و احتج القائلون بالندب بالقرآن و الإجماع و المعقول.
أما القرآن: فقوله تعالى: لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ، فلو كان التأسي به واجبا لقال عليه، و لما لم يقل ذلك و قال لكم دل على عدم الوجوب، و لما أثبت الأسوة دل على رجحان جانب الفعل على الترك، فلم يكن