و خرج بقي بن مخلد من حديث زيد بن الجناب عن معاوية بن صالح قال:
حدثني الحسن بن جابر أنه سمع المقدام بن معديكرب يقول: قال رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم): يوشك برجل متكئ على أريكته يحدث بحديثي يقول: بيننا و بينكم كتاب اللَّه،
[1] قوله: «فسلمنا»، أي على العرباض، «زائرين» من الزيارة، «و عائدين» من العيادة، «و مقتبسين»، أي محصلين منك العلم، «ذرفت»، أي دمعت، «و وجلت»، أي خافت، «كأن هذه موعظة مودع»، فإن المودّع- بكسر الدال- عند الوداع، لا يترك شيئا مما يهم المودّع- بفتح الدال- أي كأنك تودعنا بها، لما رأى من مبالغته (صلى اللَّه عليه و سلم) في الموعظة، «فما ذا تعهد»، أي توصي، «و إن عبدا حبشيا» أي و إن كان المطاع عبدا حبشيا.
قال الخطابيّ: يريد به طاعة من ولاه الإمام عليكم و إن كان عبدا حبشيا، و لم يرد بذلك أن يكون الإمام عبدا حبشيا.
و قد ثبت عنه (صلى اللَّه عليه و سلم) أنه قال: «الأئمة من قريش»،
و قد يضرب المثل في الشيء بما لا يكاد يصح في الوجود،
كقوله (صلى اللَّه عليه و سلم): «من بنى للَّه مسجدا و لو مثل مفحص قطاة، بنى اللَّه له بيتا في الجنة»،
و قدر مفحص القطاة لا يكون مسجدا لشخص آدمي، و نظائر هذا الكلام كثير.
قوله (صلى اللَّه عليه و سلم): «و عضوا عليها بالنواجذ»،
جمع ناجذة بالذال المعجمة، قيل: هو الضرس الأخير، و قيل: هو مرادف السن، و هو كناية عن شدة ملازمة السنة و التمسك بها. و قال الخطابي: و قد يكون معناه أيضا الأمر بالصبر على ما يصيبه من المضض في ذات اللَّه، كما يفعله المتألم بالوجع يصيبه.
قوله (صلى اللَّه عليه و سلم): «و إياكم و محدثات الأمور»،
قال الحافظ ابن رجب في كتاب (جامع العلوم و الحكم): فيه تحذير للأمة من اتباع الأمور المحدثة المبتدعة، و أكد ذلك
بقوله: «و كل بدعة ضلالة».
و المراد بالبدعة ما أحدث مما لا أصل له في الشريعة يدل عليه، و أما ما كان له أصل من الشرع يدل عليه فليس ببدعة شرعا، و إن كان بدعة لغة.
فقوله (صلى اللَّه عليه و سلم): «و كل بدعة ضلالة»،
من جوامع الكلم، لا يخرج عنه شيء، و هو أصل عظيم من أصول الدين. و أما ما وقع في كلام السلف من استحسان بعض البدع، فإنما ذلك في البدع اللغوية لا الشرعية، فمن ذلك قول عمر رضي اللَّه عنه في التراويح: «نعمت البدعة هذه»، و روى عنه أنه قال: «إن كانت هذه بدعة فنعمت البدعة»، و من ذلك أذان الجمعة الأول، زاده عثمان لحاجة الناس إليه، و أقرّه عليّ، و استمر عمل المسلمين عليه. و روى عن ابن عمر أنه قال: هو بدعة، و لعله أراد ما أراد أبوه في التراويح. (عون المعبود): 12/ 234، كتاب السنه، باب التمسك بالسنة، حديث رقم (4594).
[2] قال المنذري: و أخرجه الترمذي و ابن ماجة، و ليس في حديثهما ذكر حجر بن حجر، غير أن الترمذي أشار إليه تعليقا، و قال الترمذي: حسن صحيح.
و الخلفاء: أبو بكر و عمر و عثمان و علي: و المحدث على قسمين: محدث ليس له أصل إلا الشهوة و العمل بالإرادة فهذا باطل، و ما كان على قواعد الأصول أو مردود إليها فليس ببدعة و لا ضلالة.
(المرجع السابق): 235.
نام کتاب : إمتاع الأسماع بما للنبي من الأحوال و الأموال و الحفدة و المتاع نویسنده : المقريزي، تقي الدين جلد : 3 صفحه : 147