نام کتاب : إمتاع الأسماع بما للنبي من الأحوال و الأموال و الحفدة و المتاع نویسنده : المقريزي، تقي الدين جلد : 3 صفحه : 115
فإجماع الصحابة المعلوم منهم قطعا على اتباعه و التأسي بما يفعله في كل ما يفعله من قليل أو كثير، أو صغير أو كبير، لما عندهم في ذلك توقف و لا بحث، حتى أعماله (عليه السلام) في السر و الخلوة يحرصون على العلم بها و على اتباعها، علم بهم (صلى اللَّه عليه و سلم) أو لم يعلم.
و الثاني: أنا لو سلمنا بعدم العصمة- و حاش للَّه- فإنه لا يناسب ما تشير إليه الآية من التعظيم و الامتنان، و جعل ذلك غاية الفتح المبين، المقرون بالتعظيم، فحمله على ذلك مخل بالبلاغة، و المعنى الّذي حملنا عليه الآية يناسب البلاغة، فوجب المصير إليه، و قوله: وَ يَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً[1] أعيد لفظه لمّا بعد عما عطف عليه، و ليكون المبتدأ و المنتهي بالاسم الظاهر، و الضميران في الوسط، و أتت هذه النعم الأربع بلفظ الغيبة، و جاء الفتح قبلها بضمير المتكلم تعظيما لأمر الفتح، لأن المغفرة و إن كانت عظيمة فهي عامة، قال تعالى: وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ[2] و كذلك إتمام النعمة، قال تعالى: وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي[3]، و هكذا الهداية، قال تعالى: يَهْدِي مَنْ يَشاءُ[4]، و مثله النصر، قال تعالى:
إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ[5]، و أما الفتح: فإنه لم يتفق لغير رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم)، و قيل في الاسم مع النصر: إنه تعظيم له، و لهذا قلّ ما ذكر اللَّه تعالى النصر من غير إضافة إليه أو اقتران باسمه ليطمئن القلب بذكر اللَّه تعالى، فيحصل الصبر، و به يحصل النصر، و اللَّه يقول الحق و هو يهدي السبيل.
و قال سفيان عن عيينة قال: عن ميسرة قال ابن عبد اللَّه: أخبره بالعفو قبل أن يخبره بالذنب، قال تعالى: عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ[6]، و قال عبد اللَّه بن يزيد المصري: ليس هذا لنبي قبله و لا بعده، يعني قوله تعالى: عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَ تَعْلَمَ الْكاذِبِينَ[6]، فبدأ سبحانه بالعفو قبل العقاب.