نام کتاب : إمتاع الأسماع بما للنبي من الأحوال و الأموال و الحفدة و المتاع نویسنده : المقريزي، تقي الدين جلد : 14 صفحه : 625
قال: و قد ذكرنا عمر بن عبد العزيز بالمسجد النبوي، فبينا أولئك العمال يعملون في المسجد و ما إن خلا لهم المسجد فقال بعض أولئك العمال من الروم: ألا أبول على قبر نبيهم؟ فنهاهم عن ذلك بعض أصحابهم، فلما همّ أن يفعل، اقتلع فألقي على رأسه فانتتر دماغه و أسلم بعض أولئك النصارى، و قد ذكر أن أبا الفتوح بن جعفر بن محمد الحسيني أمير مكة أمره خليفة مصر في سنة تسعين و ثلاثمائة أن يتوجه إلي المدينة و ينقل الجند المعظم إلى مصر، و بعث إليه عسكرا، فقده المدينة و أزال من حوله من بني مهنا الحيثيون عنها، و دخل الحجرة الشريفة ليمضي ما عزم عليه، فقام رجل فقرأ قوله تعالى: أَ لا تُقاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ وَ هَمُّوا بِإِخْراجِ الرَّسُولِ وَ هُمْ بَدَؤُكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ[1] حتى تجيء سحابه خرج منها ريح عاصف ظلمت منه المدينة و ما حولها و قويت حتى كادت تقتلع المنارات و هلك معظم العسكر و دواوينهم فكف أبو الفتوح عما قصده و عاد الى مكة.
و قد ذكر الحافظ محب الدين أبو عبد اللَّه محمد بن محمود بن الحسن المعروف باسم ابن النجار (رحمه اللَّه) هذا الخبر في (تاريخه) فقال أيضا: أخبرنا أبو محمد عبد اللَّه بن المبارك المقدسي عن أبي المعالي صالح بن شافع الحنبلي، قال: أنبأنا القاسم بن عبد اللَّه بن محمد المقدسيّ المعلم، حدثنا أبو القاسم عبد الحكيم بن محمد المغربي، قال: إن بعض الزنادقة أشار على الحاكم العبيدي صاحب مصر بنقل النبي (صلّى اللَّه عليه و سلّم) و صاحبيه إلى مصر، و زين له ذلك و قال:
متى تم ذلك شد الناس رحالهم من أقطار الأرض إلى مصر، و كانت منفعة لسكانهم، فأجابه الحاكم في ذلك، و بني بمصر [مسجدا] أنفق عليه مالا جزيلا قال: و بعث إلى أبي الفتوح [...] الموضع الشريف، و حمله، فلما وصل إلى المدينة و جلس بها حضر جماعة من المدينتين و قد علموا ما جاء فيه، و حضر معهم قارئ يعرف [بالألباني] فقرأ في المجلس: وَ إِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ إلى قوله: إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ[2] فهاج الناس و كادوا يقتلون أبا الفتوح و من معه من الجند، و منعهم من سارع إلى ذلك، إلا أن البلاد كانت لهم، لما رأى أبو الفتوح ذلك قال لهم: اللَّه أحق أن يخشى، و اللَّه لو كان علي من الحاكم فوات الروح ما تعرضت للموضع، و حصل له من ضيق الصدر ما