نام کتاب : إمتاع الأسماع بما للنبي من الأحوال و الأموال و الحفدة و المتاع نویسنده : المقريزي، تقي الدين جلد : 14 صفحه : 166
و القراءة الثانية: أدنى بسكون الدال، و هي إجماع القراء، و معناه أقرب، و في أدنى أربعة أقوال، أحدها: طرف الشام، قاله ابن عباس، و الثاني: الجزيرة فيما بين العراق و الشام، و هي أقرب أرض الروم إلى فارس، قاله مجاهد، و الثالث: الأردن و فلسطين، قاله السّدي و مقاتل، و الرابع: أذرعات، قاله عكرمة و يحيى بن سلام.
و يقال: إن قيصر بعث رجلا يدعى يحنس و بعث كسرى شهربراز فالتقيا بأذرعات و بصرى [3]، و هي أدنى بلاد الشام إلى أرض العرب و العجم. قال ابن عطية: فإن كانت الوقعة بأذرعات فهي من أدنى الأرض بالقياس إلى مكة.
و إن كانت الوقعة بالجزيرة فهي أدنى الأرض بالقياس إلى أرض كسرى، و إن كانت بالأردن فهي إلى أدنى أرض الروم. فلما جرى ذلك و غلبت الروم شرّ الكفار فبشّر اللَّه عباده المؤمنين بأن الروم سيغلبون، و تكون الدولة لهم في الحرب، و كان في هذا الإخبار دليل على نبوة محمد (صلّى اللَّه عليه و سلّم)، لأن الروم غلبت من فارس، فأخبر اللَّه نبيه (صلّى اللَّه عليه و سلّم) أن الروم ستغلب فارس في بضع سنين، و أن المؤمنين يفرحون بذلك لأن الروم نصارى أهل كتاب و هو الإنجيل، فكان هذا من علم الغيب الّذي أخبر اللَّه- تعالى- به مما لم يكن، فكان كما أخبر.
قال الزجاج و هذا يدل على أن القرآن من عند اللَّه، لأنه أنبأ بما سيكون، و هذا لا يعلمه إلا اللَّه.
و قد اختلف في البضع فقال ابن سيده: البضع أو البضع ما بين الثلاث إلى العشر أولها من الثلاثة إلى العشر مضاف إلى ما تضاف إليه الآحاد، كقوله- تعالى-: فِي بِضْعِ سِنِينَ و قوله: فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ[1] و يبني مع العشرة كما يبني سائر الآحاد، فيقال: بضعة عشر رجلا، و بضع عشرة امرأة، و لم يسمع بضعة عشر و لا بضع عشرة رجلا، و بضع عشر امرأة. و لا يمتنع ذلك.
و قيل: البضع من الثلاث إلى التسع و قيل هو ما بين الواحد إلى الأربعة و قال الهرويّ: العرب تستعمل البضع فيما بين الثلاث إلى التسع، و البضع و البضعة واحد و معناهما القطعة من العدد.