نام کتاب : إمتاع الأسماع بما للنبي من الأحوال و الأموال و الحفدة و المتاع نویسنده : المقريزي، تقي الدين جلد : 13 صفحه : 309
وسط عياله، لا أدري أين هو من البيت، قلت: أبا رافع؟ قال: من هذا؟
فأهويت نحو الصوت فأضربه ضربة بالسيف و أنا دهش، فما أغنيت شيئا و صاح، فخرجت من البيت فأمكث غير بعيد ثم دخلت إليه فقلت: ما هذا الصوت يا أبا رافع؟ فقال: لأمّك الويل، إن رجلا في البيت ضربني قبل بالسيف قال: فأضربه ضربة فأثخنته، ثم وضعت صبيب [1] السيف و لم أقتله، ثم وضعت ضبيب السيف في بطنه حتى أخذ في ظهره، فعرفت أني قتلته، فجعلت أفتح الأبواب بابا بابا حتى انتهيت إلى درجة له، فوضعت رجلي و أنا أرى أني قد انتهيت إلى الأرض فوقعت في ليلة مقمرة فانكسرت ساقي، فعصبتها بعمامتي، ثم انطلقت حتى جلست على الباب فقلت: لا أخرج الليلة حتى أعلم أ قتلته؟ فلما صاح الديك قام الناعي على السور،
فقال: أنعي أبا رافع تاجر أهل الحجاز، فانطلقت إلى أصحابي فقلت: النجاء فقد قتل اللَّه أبا رافع فانتهيت إلى النبي (صلّى اللَّه عليه و سلّم) فحدثته فقال: ابسط رجلك فبسطت رجلي، فمسحها فكأنما لم اشتكها قط.
و كرره البخاريّ من غير طريق كلها تدور على البراء بن عازب [2].
و قال الواقدي [3]- (رحمه اللَّه)- في (مغازيه): حدثني أبو أيوب بن النعمان، عن أبيه، عن عطية بن عبد اللَّه بن أنيس، عن أبيه قال: خرجنا من
[2] أخرجه البخاريّ في المغازي، باب (16) قتل أبي رافع عبد اللَّه بن أبي الحقيق، و يقال سلام ابن أبي الحقيق، كان بخيبر، و يقال في حصن له بأرض الحجاز، و قال الزهريّ: هو بعد كعب بن الأشرف، حديث رقم (4038).
و في هذا الحديث من الفوائد: جواز اغتيال المشرك الّذي بلغته الدعوة و أصرّ، و قتل من أعان على رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلّم) بيده، أو ماله، أو لسانه، و جواز التجسيس على أهل الحرب و تطلب غرتهم، و الأخذ بالشدة في محاربة المشركين، و جواز إبهام القول للمصلحة، و تعرض القليل من المسلمين للكثير من المشركين، و الحكم بالدليل و العلامة لاستدلال ابن عتيك على أبي رافع بصوته و اعتماده على صوت الناعي بموته، و اللَّه- تعالى- أعلم. (فتح الباري).