نام کتاب : إمتاع الأسماع بما للنبي من الأحوال و الأموال و الحفدة و المتاع نویسنده : المقريزي، تقي الدين جلد : 10 صفحه : 212
قال: و من جانبه (صلّى اللَّه عليه و سلم) ابتلاؤه بالبيئة البشرية، و منعه من خائنة العين، و من الإضمار الّذي يخالف الإظهار، و لا شيء أدعى إلى غض البصر، و حفظه من لمحاته الاتفاقية من هذا التكلف.
و قد تعقب هذا الكلام بأن ابتلاءه (صلّى اللَّه عليه و سلم) ليس هو من إيجاب الطلاق على الزوج، إنما هو من وقوع هذه النظرة الاتفاقية. قوله: و منعه من خائنة الأعين، فقد شرح خائنة العين، و ليس في اللمحة الواقعة شيء من خائنة الأعين، قوله: من لمحاته الاتفاقية، كلام لا دليل عليه من الآية، في هذه القصة، و لا من الأحاديث.
قال الغزالي: و هذا مما يورده الفقهاء في صنف التخفيف، و عندي أن ذلك في غاية التشديد، إذ لو كلف بذلك آحاد الناس، لما فتحوا أعينهم في الشوارع و الطرقات، خوفا من ذلك، و ذلك قالت عائشة رضى اللَّه تبارك و تعالى عنها: لو كان رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلم) يخفى آية، لأخفى هذه الآية.
و اعترض عليه ابو عمرو بن الصلاح فقال: لم يوفق في مخالفته للأصحاب في ذلك. قال: واصل ما ذكره أنه لم يكتف في حقه (صلّى اللَّه عليه و سلم) بالنهى و التحريم، زاجرا عن مسارقة النظر، و حاملا له على غض البصر عن نساء غيره، حتى شدد عليه بتكليف لو كلف به غيره لما فتحوا أعينهم في الطرقات، و هذا غير لائق بمنزلته الرفيعة. و زعم أن هذا الحكم في حقه (صلّى اللَّه عليه و سلم) في غاية التشديد، و اللَّه تعالى يقول في ذلك: ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللَّهُ لَهُ[1].
و أما قول عائشة رضى اللَّه تبارك و تعالى عنها، فذاك لأمر أجود، هو إظهار ما دار بينه و بين مولاه، و عتابه عليه. و أجيب عنه بأن الغزالي (رحمه اللَّه تعالى)، لم يقل أن النهى في حقه (صلّى اللَّه عليه و سلم) ليس كافيا في الانتهاء، و إنما جعل ذلك كفا، و حافظا عن وقوع النظر الاتفاقي، الّذي لا يتعلق به نهى، فإذا علم أنه إذا وقع ذلك، وقعت منه المرأة موقعا، وجب على زوجها مفارقتها، احتاج إلى زيادة التحفظ في ذلك.