[1] (مسلم بشرح النووي): 2/ 374- 375، كتاب الإيمان، باب (16) وجوب محبة رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلم) أكثر من الأهل و الولد و الوالد و الناس أجمعين، و إطلاق عدم الإيمان على من لم يحبه هذه المحبة، حديث رقم (69)، (70).
قال الإمام النووي:
قوله (صلّى اللَّه عليه و سلم): «لا يؤمن عبد حتى أكون أحب إليه من أهله و ماله و الناس أجمعين» و في الرواية الأخرى من ولده و والده و الناس أجمعين.
قال الامام أبو سليمان الخطابي: لم يرد به حب الطبع بل أراد به حب الاختيار لأن حب الإنسان نفسه طبع و لا سبيل إلى قلبه. قال فمعناه لا تصدق في حبي حتى تفنى في طاعتي نفسك و تؤثر رضاي على هواك و إن كان فيه هلاكك. هذا كلام الخطابي.
و قال ابن بطال و القاضي عياض و غيرهما رحمة اللَّه عليهم: المحبة ثلاثة أقسام: محبة إجلال و إعظام كمحبة الوالد، و محبة شفقة و رحمة كمحبة الولد، و محبة مشاكلة و استحسان كمحبة سائر الناس فجمع (صلّى اللَّه عليه و سلم) أصناف المحبة في محبته.
قال ابن بطال (رحمه اللَّه)، و معنى الحديث أن من استكمل الايمان على أن حق النبي (صلّى اللَّه عليه و سلم) أكد عليه من حق أبيه و ابنه و الناس أجمعين لأن به (صلّى اللَّه عليه و سلم) استنقذنا من النار و هدينا من الضلال.
قال القاضي عياض (رحمه اللَّه) و من محبته (صلّى اللَّه عليه و سلم) نصرة سنته و الذب عن شريعته و تمنى حضور حياته فيبذل ماله و نفسه دونه قال و إذا تبين ما ذكرناه تبين أن حقيقة الإيمان لا تتم الا بذلك، و لا يصح الإيمان الا بتحقيق إعلاء قدر النبي (صلّى اللَّه عليه و سلم) و منزلته على كل والد و ولد و محسن و مفضل، و من لم يعتقد هذا و اعتقد سواه فليس بمؤمن. هذا كلام القاضي (رحمه اللَّه). و اللَّه أعلم.
و أما إسناد هذا الحديث فقال مسلم (رحمه اللَّه) (و حدثنا شيبان بن أبى شيبة حدثنا عبد الوارث عن عبد العزيز، عن أنس. قال مسلم (و حدثنا محمد بن مثنى و ابن بشار قالا حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة قال سمعت قتادة يحدث عن أنس) و هذا أن الاسنادين رواتهما يضربون كلهم و شيبان بن أبى شيبة هذا هو شيبان بن فروخ الّذي روى عنه مسلم في مواضع كثيرة. و اللَّه أعلم بالصواب.