نام کتاب : المواهب اللدنية بالمنح المحمدية نویسنده : أحمد بن محمد القسطلاني جلد : 2 صفحه : 610
عبوديته و نصحه، و هبت له و سامحته و عفوت عنه بما لا تفعله مع غيره.
فالمعاملتان بحسب ما بينك و بينه.
و قد ظهر اعتبار هذا المعنى فى الشرع، حيث جعل حد من أنعم عليه بالتزويج إذا تعداه إلى الزنا الرجم، و حد من لم يعطه هذه النعمة الجلد، و كذلك ضاعف الحد على الحر الذي قد ملكه نفسه و أتم عليه نعمته و لم يجعله مملوكا لغيره، و جعل حد العبد المنقوص بالرق- الذي لم يجعل له هذه النعمة- نصف ذلك. فسبحان من بهرت حكمته فى خلقه.
فللّه سر تحت كل لطيفة * * * فأخو البصائر غائص يتعقل
انتهى ملخصا.
و أما قوله تعالى: ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَ لَا الْإِيمانُ[1]. فقيل:
معناه ما كنت تدرى الإيمان على التفصيل الذي شرع لك فى القرآن. و قال أبو العالية: هو بمعنى الدعوة إلى الإيمان، لأنه كان قبل الوحى لا يقدر أن يدعو إلى الإيمان باللّه تعالى. و قيل: معناه أنه ما كان يعرف الإيمان حين كان فى المهد و قيل البلوغ. حكاه الماوردى و الواحدى و القشيرى. و قيل: إنه من باب حذف المضاف، أى ما كنت تدرى أهل الإيمان، أى من الذي يؤمن، أبو طالب، أو العباس، أو غيرهما. و قيل: المراد به شرائع الإيمان و معالمه و هى كلها إيمان، و قد سمى اللّه الصلاة بقوله: وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ[2] أى صلاتكم إلى بيت المقدس، فيكون اللفظ عامّا و المراد الخصوص. قاله ابن قتيبة و ابن خزيمة. و قد اشتهر فى الحديث أنه- صلى اللّه عليه و سلم- كان يوحد اللّه و يبغض الأوثان و يحج و يعتمر. و روى أبو نعيم و ابن عساكر عن على قال: قيل للنبى- صلى اللّه عليه و سلم- هل عبدت وثنا قط؟ قال: «لا»، قيل: فهل شربت خمرا قط؟ قال:
«لا، و ما زلت أعرف أن الذي هم عليه كفر. و ما كنت أدرى ما الكتاب و لا الإيمان».