responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المواهب اللدنية بالمنح المحمدية نویسنده : أحمد بن محمد القسطلاني    جلد : 2  صفحه : 609

(45) ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ‌ [1] فالمعنى: لو افترى علينا بشي‌ء من عند نفسه لأخذنا منه باليمين و قطعنا نياط قلبه و أهلكناه، و قد أعاذه اللّه من التقول عليه. فإن قلت: لا مرية أنه يعفى للمحب و لصاحب المحاسن و الإحسان العظيم ما لا يعفى لغيره، و يسامح بما لا يسامح به غيره، كما قال الشاعر:

و إذا الحبيب أتى بذنب واحد * * * جاءت محاسنه بألف شفيع‌

و لا شك أن نبينا- صلى اللّه عليه و سلم- هو الحبيب الأعظم ذو المحاسن و الإحسان الأكبر، فما هذه العقوبة المضاعفة و التهديد الشديد الوارد إن وقع منه ما يكره، و كم من راكن إلى أعدائه و متقول عليه من قبل نفسه لم يعبأ به كأرباب البدع و نحوهم؟

فالجواب: أنه لا تنافى بين الأمرين، فإن من كملت عليه نعمة اللّه، و اختصه منها بما لم يختص به غيره، و أعطاه منها ما لم يعط غيره، فحباه بالإنعام و خصه بمزيد القرب و الإكرام اقتضت حالته من حفظ مرتبة القرب و الولاية و الاختصاص أن تراعى مرتبته عن أدنى مشوش و قاطع، فلشدة الاعتناء به، و مزيد تقريبه و اتخاذه لنفسه و اصطفائه على غيره تكون حقوق وليه و سيده عليه أتم و نعمه عليه أكمل، فالمطلوب منه فوق المطلوب من غيره، فهو إذا غفل أو أخل بمقتضى مرتبته نبه بما لم ينبه عليه البعيد، مع كونه يسامح بما لم يسامح به ذلك البعيد أيضا، فيجتمع فى حقه الأمران.

و إذا أردت معرفة اجتماعهما و عدم تناقضهما فالواقع شاهد بذلك، فإن الملك يسامح خاصته و أولياءه بما لا يسامح به من ليس فى منزلتهم، و يؤاخذهم بما لا يؤاخذ به غيرهم. و أنت إذا كان لك عبدان أو ولدان أحدهما أحب إليك من الآخر و أقرب إلى قلبك و أعز عليك عاملته بهذين الأمرين، و اجتمع فى حقه المعاملتان بحسب قربه منك، و حبك له و عزته، فإذا نظرت إلى إكمال إحسانك إليه و إتمام نعمك عليه اقتضت معاملته بما لم تعامل به من هو دونه من التنبيه و عدم الإهمال. و إذا نظرت إلى محبته لك و طاعته و خدمته و كمال‌


[1] سورة الحاقة: 44- 46.

نام کتاب : المواهب اللدنية بالمنح المحمدية نویسنده : أحمد بن محمد القسطلاني    جلد : 2  صفحه : 609
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست