نام کتاب : المواهب اللدنية بالمنح المحمدية نویسنده : أحمد بن محمد القسطلاني جلد : 2 صفحه : 575
من شئت. و ذلك أن اللّه تعالى يفتح عليه مكة و أهلها، و ما فتحت على أحد قبله، فأحل ما شاء و حرم ما شاء، فقتل ابن خطل و هو متعلق بأستار الكعبة و غيره، و حرم دار أبى سفيان. فإن قلت: هذه السورة مكية، وَ أَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ[1] إخبار عن الحال، و الواقعة التي ذكرت فى آخر مدة هجرته إلى المدينة، فكيف الجمع بين الأمرين؟
أجيب: بأنه قد يكون اللفظ للحال، و المعنى مستقبل، كقوله تعالى إِنَّكَ مَيِّتٌ وَ إِنَّهُمْ مَيِّتُونَ[2]. و على كل حال فهذا متضمن للقسم ببلد رسول اللّه- صلى اللّه عليه و سلم-، و لا يخفى ما فيه من زيادة التعظيم، و قد روى أن عمر ابن الخطاب- رضى اللّه عنه- قال للنبى- صلى اللّه عليه و سلم-: بأبى أنت و أمى يا رسول اللّه، لقد بلغ من فضيلتك عند اللّه أن أقسم بحياتك دون سائر الأنبياء، و لقد بلغ من فضيلتك عنده أن أقسم بتراب قدميك فقال: لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ[3].
و قال تعالى: وَ الْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ[4]. اختلف فى تفسير العصر على أقوال.
فقيل: هو الدهر، لأنه مشتمل على الأعاجيب، لأنه يحصل فيه السراء و الضراء، و الصحة و السقم و غير ذلك. و قيل: ذكر العصر الذي بمضيه ينقضى عمرك، فإذا لم يكنى فى مقابلته كسب صار ذلك عين الخسران، و للّه در القائل:
إنا لنفرح بالأيام نقطعها * * * و كل يوم مضى نقص من الأجل
و فى تفسير الإمام فخر الدين و البيضاوى و غيرهما: أنه أقسم بزمان الرسول- صلى اللّه عليه و سلم-. قال الإمام الرازى: و احتجوا له بقوله- صلى اللّه عليه و سلم-: «إنما مثلكم