نام کتاب : المواهب اللدنية بالمنح المحمدية نویسنده : أحمد بن محمد القسطلاني جلد : 2 صفحه : 574
و قال اللّه تعالى: لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ (1) وَ أَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ[1]
الآية. أقسم تعالى بالبلد الأمين، و هى مكة أم القرى بلده- صلى اللّه عليه و سلم-، و قيده بحلوله- صلى اللّه عليه و سلم- فيه إظهارا لمزيد فضله، و إشعارا بأن شرف المكان بشرف أهله. قاله البيضاوى. ثم أقسم بالوالد و ما ولد، و هو فيما قيل: إبراهيم و إسماعيل، و ما ولد: محمد- صلى اللّه عليه و سلم-، و على هذا فتتضمن السورة القسم به فى موضعين، و قيل المراد به آدم و ذريته، و هو قول الجمهور من المفسرين.
و إنما أقسم تعالى بهم لأنهم أعجب خلق اللّه على وجه الأرض لما فيهم من البيان و النظر و استخراج العلوم، و فيهم الأنبياء و الدعاة إلى اللّه تعالى و الأنصار لدينه، و كل ما فى الأرض من مخلوق خلق لأجلهم، و على هذا فقد تضمن القسم أصل المكان و أصل السكان، فمرجع البلاد إلى مكة، و مرجع العباد إلى آدم.
و قوله: وَ أَنْتَ حِلٌ[2] هو من: الحلول، ضد الظعن، فيتضمن إقسامه تعالى ببلده المشتمل على عبده و رسوله، فهو خير البقاع و اشتمل على خير العباد فقد جعل اللّه بيته هدى للناس، و نبيه إماما و هاديا لهم، و ذلك من أعظم نعمه و إحسانه إلى خلقه. و قيل: المعنى أنت مستحل قتلك و إخراجك من هذا البلد الأمين الذي يأمن فيه الطير و الوحش، و قد استحل فيه قومك حرمتك. و هذا مروى عن شرحبيل بن سعد.
و عن قتادة: وَ أَنْتَ حِلٌ[3] أى لست باثم، و حلال لك أن تقتل بمكة
- ورد فى كتاب اللّه عز و جل أنه قسم ببعض آياته، و لو علمنا بهذه القاعدة، لجوزنا الحلف بهذه الآيات كما يجوز الحلف بذات رسول اللّه- صلى اللّه عليه و سلم-، إلا أنا نقول ما قاله العلماء من قبلنا أن لها تأويلان: إحداهما: أن هناك محذوف مقدر، تقديره رب ثم ذكر الشيء المحلف به مثل رب الشمس، رب الضحى، رب حياتك، أو أن هذا القسم خاص باللّه عز و جل فقط، حيث يجوز له أن يقسم بما شاء من مخلوقاته، و اللّه أعلم.