نام کتاب : المواهب اللدنية بالمنح المحمدية نویسنده : أحمد بن محمد القسطلاني جلد : 2 صفحه : 548
على أنا لو لم نأت بهذه الأنباء و القصص من كتبهم، أ لم يك فيما أودع اللّه عز و جل القرآن دليل على ذلك؟ و فى تركهم جحد ذلك و إنكاره- و هو يقرعهم به- دليل على اعترافهم له؟ فإنه يقول: الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَ الْإِنْجِيلِ[1] و يقول حكاية عن المسيح: إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَ مُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ[2]. و يقول: يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَ تَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ[3] و يقول: الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ[4]، و كانوا يقولون لمخالفيهم عند القتال: هذا نبى قد أظل مولده، و يذكرون من صفته ما يجدون فى كتابهم، فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به حسدا و خوفا على الرئاسة. و يحتمل أنهم كانوا يظنون أنه من بنى إسرائيل فلما بعثه اللّه من العرب، من نسل إسماعيل عظم ذلك عليهم، و أظهروا التكذيب، فلعنة اللّه على الكافرين.
و قد كان- صلى اللّه عليه و سلم- يدعوهم إلى اتباعه و تصديقه، فكيف يجوز أن يحتج بباطل من الحجج، ثم يحيل ذلك على ما عندهم و ما فى أيديهم، و يقول من علامة نبوتى و صدقى أنكم تجدونى عندكم مكتوبا و هم لا يجدونه كما ذكر؟! أو ليس ذلك مما يزيدهم عنه بعدا، و قد كان غنيّا أن يدعوهم بما ينفرهم، و يستميلهم بما يوحشهم. و قد أسلم من أسلم من علمائهم كعبد اللّه بن سلام، و تميم الدارى، و كعب، و قد وقفوا منه على مثل هذه الدعاوى.
و قد روى ابن عساكر فى تاريخ دمشق من طريق محمد بن حمزة بن عبد اللّه بن سلام عند جده عبد اللّه بن سلام: أنه لما سمع بمخرج النبيّ- صلى اللّه عليه و سلم- بمكة، خرج فلقيه، فقال له النبيّ- صلى اللّه عليه و سلم-: «أنت ابن سلام عالم أهل يثرب؟» قال: نعم، قال: «ناشدتك اللّه الذي أنزل التوراة على موسى، هل