نام کتاب : المواهب اللدنية بالمنح المحمدية نویسنده : أحمد بن محمد القسطلاني جلد : 2 صفحه : 222
رواه «حبب إلى من دنياكم ثلاث» فقد وهم، و لم يقل- صلى اللّه عليه و سلم-: ثلاث، و الصلاة ليست من أمور الدنيا التي تضاف إليها. انتهى، نعم تضاف إليها لكونها ظرفا لوقوعها فقط، فهى عبادة محضة. و قال شيخ الإسلام و الحافظ ابن حجر فى تاريخ الكشاف: إن لفظ «ثلاث» لم تقع فى شيء من طرقه، و زيادته مفسدة للمعنى. و كذا قال شيخ الإسلام الولى ابن العراقى فى أماليه، و عبارته: ليست هذه اللفظة و هى «ثلاث» فى شيء من كتب الحديث، و هى مفسدة للمعنى، فإن الصلاة ليست من أمور الدنيا. و كذا صرح به الزركشى و غيره، كما حكاه شيخنا فى المقاصد الحسنة و أقره.
و قال ابن الحاج فى المدخل: انظر إلى حكمة قوله- صلى اللّه عليه و سلم- «حبب» و لم يقل: أحببت، و قال: «من دنياكم» فأضافها إليهم دونه- عليه الصلاة و السلام-، فدل على أن حبه كان خاصا بمولاه تعالى، و جعلت قرة عينه فى الصلاة، فكان- صلى اللّه عليه و سلم- بشرىّ الظاهر، ملكوتى الباطن. و كان- صلى اللّه عليه و سلم- لا يأتى إلى شيء من أحوال البشرية إلا تأنيسا لأمته و تشريعا لها، لا أنه محتاج إلى شيء من ذلك، أ لا ترى إلى قوله تعالى: قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللَّهِ وَ لا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَ لا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ[1] فقال: «لكم» و لم يقل: إنى ملك، فلم ينف الملكية عنه إلا بالنسبة إليهم، أعنى فى معانيه- صلى اللّه عليه و سلم- لا فى ذاته الكريمة، إذ إنه- صلى اللّه عليه و سلم- يلحق بشريته ما يلحق البشر، و لهذا قال سيدى أبو الحسن الشاذلى فى صفته- صلى اللّه عليه و سلم-: هو بشر ليس كالأبشار، كما أن الياقوت حجر ليس كالأحجار. و هذا منه- ;- على سبيل التقريب للفهوم، فدل على أنه- صلى اللّه عليه و سلم- ملكى الباطن، و من كان ملكى الباطن ملك نفسه.
انتهى.
و هاهنا لطيفة: روى أنه- صلى اللّه عليه و سلم- لما قال: «حبب إلى من دنياكم النساء و الطيب و جعلت قرة عينى فى الصلاة»، قال أبو بكر: و أنا يا رسول اللّه حبب إلى من الدنيا: النظر إلى وجهك، و جمع المال للإنفاق عليك،