نام کتاب : المواهب اللدنية بالمنح المحمدية نویسنده : أحمد بن محمد القسطلاني جلد : 2 صفحه : 181
فقال: لم؟ قال: أ يسرك أن يشرب معك الهر قال: لا، قال: قد شرب معك من هو شر منه: الشيطان [1]. و كان- صلى اللّه عليه و سلم- يتنفس فى الشراب ثلاثا و يقول:
«إنه أروى و امرأ و أبرأ» [2] رواه مسلم. و معنى تنفسه: إبانة القدح عن فيه، و تنفسه خارجه، ثم يعود إلى الشرب. و أخرج الطبرانى فى الأوسط بسند حسن عن أبى هريرة: أن النبيّ- صلى اللّه عليه و سلم- كان يشرب فى ثلاثة أنفاس [3]: إذا أدنى الإناء إلى فيه سمى اللّه، فإذا أخره حمد اللّه، يفعل ذلك ثلاثا.
و فى هذا الشرب حكم جمة و فوائد مهمة، نبه- صلى اللّه عليه و سلم- على مجامعها بقوله «إنه أروى و امرأ و أبرأ» فأروى: من الرى- بكسر الراء من غير همز- أشد ريّا و أبلغه و أنفعه. و أبرأ، أفعل من البرء- بالهمز- و هو الشفاء، أى يبرئ من شدة العطش و دائه لتردده على المعدة الملتهبة دفعات، تسكن الدفعة الثانية ما عجزت الأولى عن تسكينه، و الثالثة ما عجزت عنه الثانية. و أيضا:
فإنه أسلم لحرارة المعدة، و أبقى عليها من أن يهجم عليها البارد و هلة واحدة و نهلة واحدة، فإنه أسلم عاقبة و آمن غائلة من تناول جميع ما يروى دفعة واحدة، فإنه يخاف منه أن يطفئ الحرارة الغريزية لشدة برده و كثرة كميته، أو يضعفها فيؤدى ذلك إلى فساد المعدة و الكبد، و إلى أمراض رديئة، خصوصا فى سكان البلاد الحارة، و فى الأزمنة الحارة، فإن الشرب فيهما و هلة واحدة مخوف عليهم جدّا.
و قوله: امرأ: بالهمز، أفعل من مرؤ الطعام و الشراب فى بدنه إذا داخله و خالطه بسهولة و لذة و نفع. انتهى. و قال بعضهم: و المعنى أنه يصير هنيئا مريئا. أى: سالما أو مبرئا من مرض أو عطش أو أذى. و يؤخذ من ذلك:
أنه أقمع للعطش و أقوى على الهضم. و من آفات الشرب نهلة واحدة، أنه