responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 53
الَّذِي لَا يُعْقَلُ مَعْنَى الْأُلُوهِيَّةِ وَالرُّبُوبِيَّةِ بِدُونِهِ، فَبَالَغَ بَعْضُهُمْ فِي الْإِثْبَاتِ وَبَعْضُهُمْ فِي النَّفْيِ. وَالْوَسَطُ بَيْنَ ذَلِكَ. وَقَوْلُ الرَّازِيِّ وَأَمْثَالِهِ مِنْ غُلَاةِ الْأَشْعَرِيَّةِ فِي هَذَا الْمَقَامِ أَبْعَدُ عَنِ الصَّوَابِ ; وَعَنْ مَذْهَبِ السَّلَفِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُسْتَنْبَطَ مِنْ لَوَازِمِ رَأْيِهِمْ مِثْلُ مَا اسْتَنْبَطُوا مِنْ رَأْيِ خُصُومِهِمْ مِنَ التَّشْنِيعِ أَوْ أَشَدُّ، بَلْ وُجِدَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ، وَالْحَقُّ أَنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ لَوَازِمَ مَقْصُودَةً لِمَذْهَبِ هَؤُلَاءِ وَلَا هَؤُلَاءِ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ لَازِمَ الْمَذْهَبِ لَيْسَ بِمَذْهَبٍ وَإِنْ كَانَ لَا يَظْهَرُ عَلَى إِطْلَاقِهِ (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينِ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) (59: 10) . (8) إِنَّ الْحَدِيثَ الَّذِي بُنِيَ عَلَيْهِ هَذَا الْمِرَاءُ بِمَا قَالَهُ الْقَاضِي عَبْدُ الْجَبَّارِ الْمُعْتَزِلِيُّ فِي الْأَشْعَرِيَّةِ وَقَابَلَهُ الرَّازِيُّ الْأَشْعَرِيُّ بِأَفْظَعَ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْمُعْتَزِلَةِ هُوَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي اخْتَرَعَهَا بَعْضُ هَؤُلَاءِ الْمُتَعَصِّبِينَ لِيَنْبِزَ بِهَا بَعْضُهُمْ بَعْضًا. وَعِبَارَتُهُ مُوَلَّدَةٌ لَيْسَتْ عَرَبِيَّةً فَصِيحَةً. وَقَدْ أَخْرَجَ أَوَّلَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ مِنْ حَدِيثٍ عَلِيٍّ " لُعِنَتِ الْقَدَرِيَّةُ عَلَى لِسَانِ سَبْعِينَ نَبِيًّا " قَالَ الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ الْحُوتُ الْكَبِيرُ فِي كِتَابِهِ الَّذِي خَرَّجَ بِهِ أَحَادِيثَ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ الضَّعِيفَةَ قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: حَدِيثٌ لَا يَصِحُّ فِيهِ الْحَارِثُ كَذَّابٌ، قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: وَكَذَا فِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ. وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ مَتْرُوكٌ وَأَوْرَدَ الذَّهَبِيُّ مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ وَقَالَ: هَذِهِ أَحَادِيثُ لَا تَثْبُتُ، انْتَهَى. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَعْنِي بِالْحَارِثِ: الْحَارِثَ بْنَ عَبْدِ اللهِ الْأَعْوَرَ الْهَمْدَانِيَّ صَاحِبَ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ، وَقَدْ رَوَى عَنْهُ الشَّعْبِيُّ وَقَالَ: إِنَّهُ كَذَّابٌ وَكَذَّبَهُ آخَرُونَ وَوَثَّقَهُ بَعْضُهُمْ. وَالْقَوْلُ الْمُعْتَدِلُ فِيهِ أَنَّهُ ضَعِيفٌ، وَأَكْثَرُ هَؤُلَاءِ الْمُتَكَلِّمِينَ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ، بَلْ يَنْقُلُونَ كُلَّ مَا يَرَوْنَهُ فِي الْكُتُبِ كَالْعَوَامِّ، وَنَكْتَفِي فِي هَذَا الْفَصْلِ الِاسْتِطْرَادِيِّ بِهَذَا الْقَدْرِ، وَنَعُودُ إِلَى تَفْسِيرِ سَائِرِ الْآيَاتِ.
(وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا) أَيْ وَهَذَا الْإِسْلَامُ الَّذِي يَشْرَحُ اللهُ لَهُ صَدْرَ مَنْ يُرِيدُ هِدَايَتَهُ، هُوَ صِرَاطُ رَبِّكَ أَيُّهَا الرَّسُولُ الَّذِي بَعَثَكَ بِهِ، وَبَيَّنَ لَكَ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ
أَوْ هَذِهِ السُّورَةِ أُصُولَهُ وَعَقَائِدَهُ بِالْحُجَجِ النَّيِّرَاتِ، وَالْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ، حَالَ كَوْنِهِ مُسْتَقِيمًا فِي نَظَرِ الْعَقْلِ الصَّحِيحِ وَمُقْتَضَى الْفِطْرَةِ السَّلِيمَةِ مِنْ فَسَادِ الْإِفْرَاطِ وَالتَّفْرِيطِ، فَلَا اعْوِجَاجَ فِيهِ وَلَا الْتِوَاءَ، وَإِنَّمَا هُوَ السَّبِيلُ السَّوَاءُ، وَمَنْ عَرَفَهُ تَبَيَّنُ لَهُ اعْوِجَاجُ مَا عَدَاهُ مِنَ السُّبُلِ الَّتِي عَلَيْهَا سَائِرُ أَهْلِ الْمِلَلِ وَالنِّحَلِ. (قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ) أَيْ قَدْ بَيَّنَّا الْآيَاتِ وَالْحُجَجَ الْمُثْبِتَةَ لِحَقِيقَتِهِ وَأُصُولِهِ الرَّاسِخَةِ، وَمَحَاسِنِ فُرُوعِهِ الْمُثْمِرَةِ النَّافِعَةِ، لِقَوْمٍ يَتَذَكَّرُونَ مَا بُلِّغُوهُ مِنْهَا كُلَّمَا عَرَضَتِ الْحَاجَةُ إِلَيْهِ فَيَزْدَادُونَ بِهَا يَقِينًا وَرُسُوخًا فِي الْإِيمَانِ، وَيَدْرَءُونَ مَا يُورَدُ عَلَيْهِمْ مِنَ الشُّبُهَاتِ وَالْأَوْهَامِ، كَمَا يَزْدَادُونَ إِذْعَانًا وَمَوْعِظَةً تَبْعَثُهُمْ عَلَى الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، وَلِذَلِكَ خُصُّوا بِالذِّكْرِ دُونَ غَيْرِهِمْ. وَتَفْسِيرُنَا لِلْمُشَارِ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ) بِالْإِسْلَامِ هُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوَاعِدِ الْعَرَبِيَّةِ، لِأَنَّهُ أَقْرَبُ مَذْكُورٍ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُرَادَ. وَهُوَ الْمَرْوِيُّ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 53
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست