responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 54
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمَنْ خَالَفَهُ فَقَدْ تَكَلَّفَ وَتَعَسَّفَ. وَقَوْلُهُ: (مُسْتَقِيمًا) مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ وَالْعَامِلُ فِيهَا مَا فِي اسْمِ الْإِشَارَةِ أَوِ التَّنْبِيهِ مِنْ مَعْنَى الْفِعْلِ.
(لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ) أَيْ لِهَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الْمُتَذَكِّرِينَ السَّالِكِينَ صِرَاطَ رَبِّهِمُ الْمُسْتَقِيمَ - دُونَ غَيْرِهِمْ مِنْ مُتَّبِعِي سُبُلِ الشَّيْطَانِ - دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ بِسُلُوكِهِمْ صِرَاطَهُ الْمُوَصِّلَ إِلَيْهَا، وَهُوَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي آخِرِ الْآيَةِ، فَهَذَا بَيَانُ جَزَاءِ الْمُؤْمِنِينَ الصَّالِحِينَ، فِي مُقَابِلِ مَا بَيَّنَ قَبْلَهُ مِنْ جَزَاءِ الْمُجْرِمِينَ بِقَوْلِهِ: (سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ) وَدَارُ السَّلَامِ هِيَ الْجَنَّةُ دَارُ الْجَزَاءِ لِلْمُؤْمِنِينَ الْمُتَّقِينَ، أُضِيفَتْ إِلَى اسْمِ اللهِ (السَّلَامِ) كَمَا رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ السُّدِّيِّ وَعَزَاهُ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ إِلَى الْحَسَنِ وَابْنِ زَيْدٍ أَيْضًا، وَقِيلَ: إِنَّ السَّلَامَ مَصْدَرُ سَلِمَ كَالسَّلَامَةِ. وَالْإِضَافَةُ عَلَى التَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ لِلتَّشْرِيفِ، وَكَذَا لِلْإِيذَانِ بِسَلَامَةِ تِلْكَ الدَّارِ مِنَ الْعُيُوبِ وَسَلَامَةِ أَهْلِهَا مِنْ جَمِيعِ الْمُنَغِّصَاتِ وَالْكُرُوبِ، خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ أَنَّ إِفَادَةَ هَذَا الْمَعْنَى خَاصَّةٌ بِجَعْلِ السَّلَامِ مَصْدَرًا كَالسَّلَامَةِ، وَقَوْلُهُ: (عِنْدَ رَبِّهِمْ) تَقَدَّمَ مَعْنَاهُ فِي تَفْسِيرِ مُقَابِلِهِ الَّذِي ذَكَرْنَا آنِفًا (وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ إِلَى رَبِّهِمْ، أَوِ السَّلَامِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ هُوَ اللهُ تَعَالَى. وَوَلِيُّهُمْ مُتَوَلِّي أُمُورِهِمْ وَكَافِيهِمْ كُلَّ أَمْرٍ يَعْنِيهِمْ، بِسَبَبِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَهُ بِبَاعِثِ الْإِيمَانِ بِهِ وَالْإِذْعَانِ لِمَا جَاءَ بِهِ رَسُولُهُ مِنْ أَعْمَالِ
الصَّلَاحِ الْمُزَكِّيَةِ لِأَنْفُسِهِمْ، وَالْإِصْلَاحِ الْمُفِيدَةِ لِكُلِّ مَنْ يَعِيشُ مَعَهُمْ، وَهَذِهِ الْوِلَايَةُ الْإِلَهِيَّةُ لِلْمُتَذَكِّرِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الصَّالِحِينَ تَشْمَلُ وِلَايَةَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. وَالْآيَةُ نَافِيَةٌ لِلْقَوْلِ بِالْجَبْرِ، وَمُبْطِلَةٌ لِلْقَوْلِ بِإِنْكَارِ الْقَدَرِ بِصَرَاحَتِهَا بِنَوْطِ الْجَزَاءِ بِالْعَمَلِ، فَإِسْنَادُ الْعَمَلِ إِلَيْهِمْ يَنْفِي الْجَبْرَ، وَنَوْطُ الْجَزَاءِ بِهِ يُثْبِتُ الْقَدَرَ الَّذِي هُوَ جَعْلُ شَيْءٍ مُرَتَّبًا عَلَى شَيْءٍ آخَرَ مُقَدَّرًا بِقَدَرِهِ، وَلَيْسَ خَلْقًا أُنُفًا، أَيْ مُبْتَدَأً وَمُسْتَأْنَفًا، وَاللهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.
(وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ
الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ)

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 54
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست