responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 474
فِي مَوَاضِعَ أُخْرَى؛ وَلِذَلِكَ تَقِلُّ السَّرِقَةُ وَالْخِيَانَةُ فِي الْبِلَادِ الَّتِي يَغْلِبُ عَلَى أَهْلِهَا التَّدَيُّنُ الصَّحِيحُ كَبِلَادِ نَجْدٍ وَأَكْثَرِ بِلَادِ الْيَمَنِ عَلَى قِلَّةِ وَسَائِلِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْأَمْوَالِ فِيهِمَا، وَتَكْثُرُ فِي غَيْرِهَا عَلَى كَثْرَةِ تِلْكَ الْوَسَائِلِ.
وَمِنْ عَجِيبِ أَمْرِ حُكُومَتِنَا الْمِصْرِيَّةِ أَنَّهَا تُقَلِّدُ الْإِفْرِنْجَ فِي نِظَامِ التَّعْلِيمِ وَفِي إِطْلَاقِ الْحُرِّيَّةِ الشَّخْصِيَّةِ، وَتَغْفُلُ عَمَّا يَجِبُ مِنَ التَّرْبِيَةِ الدِّينِيَّةِ. حَتَّى إِنَّ أَدَاءَ الصَّلَاةِ فِي مَدَارِسِهَا اخْتِيَارِيٌّ لَا يُطَالَبُ بِهِ التَّلَامِيذُ وَالطُّلَّابُ وَلَا يُنْكَرُ عَلَيْهِمْ تَرْكُهُ. وَقَدْ فَشَتْ فِي الْبِلَادِ الْجَرَائِمُ مِنْ قَتْلٍ وَسَلْبٍ وَإِفْسَادِ زَرْعٍ وَفِسْقٍ وَفُجُورٍ، وَقَدِ اتُّخِذَتْ عِدَّةُ وَسَائِلَ لِتَقْلِيلِ هَذِهِ الْجِنَايَاتِ بَعْدَ أَنْ عُقِدَتْ عِدَّةُ لِجَانٍ لِدَرْسِهَا وَلَكِنَّهَا لَمْ تَأْتِ أَدْنَى عَمَلٍ لِمُقَاوَمَتِهَا بِالتَّرْبِيَةِ الدِّينِيَّةِ لِلنَّابِتَةِ، وَبَثِّ الْوَعْظِ وَالْإِرْشَادِ فِي الْعَامَّةِ. وَهُوَ أَقْرَبُ الْوَسَائِلِ لِمَنْعِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ الْوَازِعَ النَّفْسِيَّ أَقْوَى وَأَعَمُّ مِنَ الْوَازِعِ الْخَارِجِيِّ. وَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ مِنَ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا، كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى:
(وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا) قُلْنَا: إِنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَدْ بَدَأَ بِدَعْوَتِهِمْ إِلَى تَوْحِيدِ الْعِبَادَةِ لِأَنَّهُ رُكْنُ الدِّينِ الْأَعْظَمُ الَّذِي هَدَمَتْهُ الْوَثَنِيَّةُ، وَثَنَّى بِالْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي الْمُتَعَلِّقَةِ بِحَالِهِمُ الْغَالِبَةِ عَلَيْهِمْ. وَأَمَّا هَذَا النَّهْيُ عَنْ قَطْعِهِمُ الطُّرُقَ عَلَى مَنْ يَغْشَى مَجْلِسَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَيَسْمَعُ دَعْوَتَهُ وَيُؤْمِنُ بِهِ فَلَمْ يُؤَخِّرْهُ لِأَنَّ اقْتِرَافَهُ دُونَ اقْتِرَافِ التَّطْفِيفِ فِي الْكَيْلِ وَالْمِيزَانِ وَبَخْسِ الْحُقُوقِ؛ بَلْ لِأَنَّهُ مُتَأَخِّرٌ عَنْهَا فِي الزَّمَنِ، فَالدَّعْوَةُ قَدْ وُجِّهَتْ أَوَّلًا إِلَى أَقْرَبِ النَّاسِ إِلَيْهِ فِي بَلَدِهِ ثُمَّ إِلَى الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ مِنْهُمْ وَمِمَّنْ يَزُورُ أَرْضَهُمْ، وَقَدْ كَانَ الْأَقْرَبُونَ دَارًا هُمُ الْأَبْعَدِينَ اسْتِجَابَةً لَهُ فِي الْأَكْثَرِ، وَتِلْكَ سُنَّةُ اللهِ فِي الْخَلْقِ. فَلَمَّا رَأَوْا غَيْرَهُمْ يَقْبَلُ دَعْوَتَهُ وَيَعْقِلُهَا وَيَهْتَدِي بِهَا شَرَعُوا يَصُدُّونَ النَّاسَ عَنْهُ، فَلَا يَدَعُونَ طَرِيقًا تُوَصِّلُ إِلَيْهِ إِلَّا قَعَدَ بِهَا مَنْ يَتَوَعَّدُ سَالِكِيهَا إِلَيْهِ وَيَصُدُّونَهُمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ الَّتِي يَدْعُوهُمْ إِلَيْهَا، يَطْلُبُونَ بِالتَّمْوِيهِ وَالتَّضْلِيلِ أَنْ يَجْعَلُوا اسْتِقَامَتَهَا عِوَجًا وَهُدَاهَا ضَلَالًا، وَتَقَدَّمَ مِثْلُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ (فِي الْآيَةِ) 45 مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ فِي ص 427 فَلْيُرَاجَعْ) .
رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: (وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ) قَالَ: كَانُوا يَجْلِسُونَ فِي الطَّرِيقِ فَيَقُولُونَ لِمَنْ أَتَى عَلَيْهِمْ: إِنَّ شُعَيْبًا كَذَّابٌ فَلَا يَفْتِنَنَّكُمْ عَنْ دِينِكُمْ. وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ، بِكُلِّ صِرَاطٍ: طَرِيقٍ - تُوعِدُونَ، قَالَ: تُخَوِّفُونَ النَّاسَ أَنْ يَأْتُوا شُعَيْبًا.
وَهَذَا تَفْسِيرٌ لِلصِّرَاطِ بِالطَّرِيقِ الْحِسِّيِّ الْحَقِيقِيِّ، وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ تَفْسِيرُهُ بِالسَّبِيلِ الْمَجَازِيِّ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 474
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست