responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 475
قَالَ: (بِكُلِّ صِرَاطٍ) بِكُلِّ سَبِيلِ حَقٍّ إِلَخْ. وَرُوِيَ أَنَّهُمْ كَانُوا يُخَوِّفُونَ النَّاسَ بِالْقَتْلِ إِذَا آمَنُوا بِهِ.
وَالْحَاصِلُ: أَنَّهُ نَهَاهُمْ هُنَا عَنْ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: (أَوَّلُهَا) قُعُودُهُمْ عَلَى الطُّرُقَاتِ الَّتِي تُوصِّلُ إِلَيْهِ يُخَوِّفُونَ مَنْ يَجِيئُهُ لِيَرْجِعَ عَنْهُ قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ وَيَسْمَعَ دَعْوَتَهُ. (ثَانِيهَا) صَدُّهُمْ مَنْ وَصَلَ إِلَيْهِ وَآمَنَ بِهِ بِصَرْفِهِ عَنِ الثَّبَاتِ عَلَى الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ وَالِاسْتِقَامَةِ عَلَى سَبِيلِ اللهِ تَعَالَى الْمُوَصِّلَةِ إِلَى سَعَادَةِ الدَّارَيْنِ. (ثَالِثُهَا) ابْتِغَاؤُهُمْ جَعْلَ سَبِيلِ اللهِ الْمُسْتَقِيمَةِ ذَاتَ عِوَجٍ بِالطَّعْنِ وَإِلْقَاءِ الشُّبُهَاتِ الْمُشَكِّكَةِ فِيهَا أَوِ الْمُشَوِّهَةِ لَهَا، كَقَوْلِهِمْ لَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ الَّذِي حَكَاهُ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمْ فِي سُورَةِ هُودٍ: (قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصْلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ) (11: 87) .
فَهَاهُنَا ضَلَالَتَانِ - ضَلَالَةُ التَّقْلِيدِ وَالْعَصَبِيَّةِ لِلْآبَاءِ وَالْأَجْدَادِ، وَلَا تَزَالُ
تَكْأَةَ أَكْثَرِ الضَّالِّينَ فِي أَصْلِ الدِّينِ وَفِي فَهْمِهِ وَفِي الِاهْتِدَاءِ بِهِ - وَضَلَالَةُ الْغُلُوِّ فِي الْحُرِّيَّةِ الشَّخْصِيَّةِ الَّتِي لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهَا فِي زَمَنٍ مَا أَشَدَّ وَأَعَمَّ مِنْهَا فِي هَذَا الزَّمَنِ بِمَا بَثَّ الْإِفْرِنْجُ الْفَاتِنُونَ الْمُفْتِونُونَ لِدَعْوَتِهَا فِي كُلِّ الْأُمَمِ، حَتَّى إِنَّ حُكُومَةً كَالْحُكُومَةِ الْمِصْرِيَّةِ تُبِيحُ الزِّنَا لِشَعْبٍ يَدِينُ أَكْثَرُ أَهْلِهِ بِالْإِسْلَامِ وَأَقَلُّهُ بِالنَّصْرَانِيَّةِ وَالْيَهُودِيَّةِ وَكُلُّهُمْ يُحَرِّمُونَ الزِّنَا، وَإِنَّمَا أَبَاحَتْهُ بِإِغْوَاءِ أَسَاتِذَتِهَا وَسَادَتِهَا مِنَ الْإِفْرِنْجِ، وَقَدْ خَنَعَ الشَّعْبُ الْمُسْتَذَلُّ الْمُسْتَضْعَفُ لَهَا، وَسَكَتَ عُلَمَاؤُهُ وَمُرْشِدُوهُ الدِّينِيُّونَ فَلَا يُنْكِرُونَ عَلَيْهَا أَفْرَادًا وَلَا جَمَاعَاتٍ، وَلَا يَتَظَاهَرُونَ عَلَى الِاحْتِجَاجِ عَلَى عَمَلِهَا بِالْخُطَبِ الدِّينِيَّةِ وَالِاجْتِمَاعِيَّةِ، وَلَا بِالنَّشْرِ فِي الصُّحُفِ الْعَامَّةِ، وَقَدْ أَدَّى السُّكُوتُ عَنْ هَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ إِلَى أَنْ صَارَ الْمُنْكَرُ مَعْرُوفًا يَكْثُرُ أَنْصَارُهُ وَالْمُسْتَحْسِنُونَ لَهُ، وَمِنَ الْمَعْلُومِ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ بِالضَّرُورَةِ أَنَّ اسْتِحْلَالَ الزِّنَا وَإِبَاحَتَهُ كُفْرٌ وَرِدَّةٌ. وَعُلَمَاءُ الدِّينِ يَتَحَدَّثُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ بِكُفْرِ وَاضِعِي أَمْثَالِ هَذِهِ الْأَحْكَامِ فِي الْقَوَانِينِ وَالْمُسْتَبِيحِينَ لَهَا مِنْ سِوَاهُمْ، وَلَكِنَّهُمْ قَلَّمَا يَتَجَاوَزُونَ التَّنَاجِي فِي ذَلِكَ بَيْنَهُمْ، إِمَّا لِضَعْفِهِمْ أَوْ لِأَنَّ أَرْزَاقَهُمْ مِنَ الْأَوْقَاتِ وَمَنْصِبَ الْقَضَاءِ فِي أَيْدِي هَؤُلَاءِ الْحُكَّامِ، كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي مَوَاضِعَ. وَمِنْ مَفَاسِدِ هَذَا السُّكُوتِ عَنْ إِنْكَارِ الْمُنْكَرِ أَنَّ بَعْضَ الْمُسْلِمِينَ يَحْتَجُّونَ بِهِ عَلَى شَرْعِيَّةِ كُلِّ مَا يَسْكُتُ عَنْهُ عُلَمَاءُ الدِّينِ.

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 475
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست