responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 472
وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ طَلْحَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ وَقَالَ: " إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ فَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ فَأَقْضِي لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ مُسْلِمٍ فَإِنَّمَا هِيَ قِطْعَةٌ مِنَ النَّارِ فَلْيَأْخُذْهَا أَوْ لِيَتْرُكْهَا " رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ كُلُّهَا مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا
وَفِي رِوَايَةٍ " فَلَا يَأْخُذْهُ " بَدَلَ تَخْيِيرِ التَّهْدِيدِ. وَفِي بَعْضِهَا " مِنْ حَقِّ أَخِيهِ " بَدَلًا مِنْ " بِحَقِّ مُسْلِمٍ " وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ هَذَا خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ. وَأَنَّ الذِّمِّيَّ وَالْمُعَاهِدَ كَذَلِكَ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ الذِّمِّيَّ هُوَ الْخَاضِعُ لِأَحْكَامِنَا مِنْ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ، وَالْمُعَاهِدَ مَنْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ أَوْ بَيْنَ قَوْمِهِ مُعَاهَدَةٌ عَلَى السِّلْمِ وَالْمُرَادُ: أَنَّ غَيْرَ الْمُسْلِمِ إِذَا لَمْ يَكُنْ حَرْبِيًّا فَهُوَ مُسَاوٍ لِلْمُسْلِمِينَ فِي احْتِرَامِ مَالِهِ وَنَفْسِهِ وَعِرْضِهِ وَفِي أَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ الَّتِي تَصْدُرُ بِذَلِكَ. وَالشَّاهِدُ الْمُرَادُ لَنَا مِنَ الْحَدِيثِ أَنَّ الْحَقَّ فِي شَرْعِ اللهِ تَعَالَى مَقْصُودٌ لِذَاتِهِ، وَإِنْ حَكَمَ الْحَاكِمُ وَلَوْ كَانَ رَسُولًا مِنْ رُسُلِ اللهِ إِنَّمَا يُنَفَّذُ عَلَى الظَّاهِرِ لِأَنَّهُ حَكَمَ بِالظَّاهِرِ دُونَ الْبَاطِنِ، فَإِذَا عَلِمَ الْمَحْكُومُ لَهُ أَنَّهُ خَطَأٌ فِي الْوَاقِعِ لَمْ يَحِلَّ لَهُ دِيَانَةً وَالْحَدِيثُ لَيْسَ نَصًّا فِي وُقُوعِ الْخَطَإِ أَوْ جَوَازِهِ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ قَالَهُ عَلَى سَبِيلِ الْفَرْضِ، حَتَّى لَا يَسْتَعِينَ أَحَدٌ بِخِلَابَةِ اللِّسَانِ لَدَى الْحُكَّامِ عَلَى الْقَضَاءِ لَهُ بِالْبَاطِلِ. وَالَّذِينَ قَالُوا بِجَوَازِ خَطَإِ الْأَنْبِيَاءِ فِي اجْتِهَادِهِمْ قَالُوا إِنَّ اللهَ تَعَالَى لَا يُقِرُّهُمْ عَلَيْهَا عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ هُنَا بِالْبَيِّنَةِ، وَهِيَ إِنَّمَا تَكُونُ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ لَا بِمَحْضِ الِاجْتِهَادِ، وَهَذِهِ الْمَبَاحِثُ لَيْسَتْ مِنْ مَوْضُوعِنَا هُنَا.
هَذَا مِثَالٌ لِكَوْنِ التَّوْحِيدِ فِي الْعِبَادَةِ هُوَ لِمَصْلَحَةِ النَّاسِ وَتَكْرِيمِهِمْ وَإِعْلَاءِ شَأْنِهِمْ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْعِبَادَاتِ وَأَحْكَامُ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ، حَتَّى مَا يُسَمُّونَهُ فِي عُرْفِ هَذَا الْعَصْرِ بِالْأَحْكَامِ الْمَدَنِيَّةِ - قَدْ شُرِعَتْ لِدَفْعِ الْمَفَاسِدِ وَتَقْرِيرِ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ، وَتَرَى غَيْرَ الْمُؤْمِنِ الْمُتَدَيِّنَ لَا يَلْتَزِمُ اجْتِنَابَ كُلِّ مَفْسَدَةٍ بَلْ يَسْتَبِيحُ مَا يَرَاهُ نَافِعًا لَهُ وَإِنْ كَانَ ضَارًّا بِغَيْرِهِ فَرْدًا كَانَ أَوْ جَمَاعَةً أَوْ أُمَّةً بِأَسْرِهَا، فَإِنَّ مُجَرَّدَ الْعِلْمِ بِكَوْنِ الْأَمَانَةِ خَيْرًا مِنَ الْخِيَانَةِ، وَكَوْنِ الْقِسْطِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَسَائِرِ الْمُعَامَلَاتِ خَيْرًا مِنَ الْغِشِّ وَالْخِيَانَةِ وَبَخْسِ الْحُقُوقِ - لَا يَكْفِي لِحَمْلِ الْجُمْهُورِ عَلَى الْعَمَلِ بِهِ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ هَذَا الْعِلْمَ إِجْمَالِيٌّ يُعْرَضُ لَهُ عِنْدَ التَّفْصِيلِ ضُرُوبٌ مِنَ الْأَشْكَالِ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 8  صفحه : 472
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست