فى اللعنة لا يخفف عنهم من العذاب شيء ولا يقبل منهم فدية ولا تنفعهم
شفاعة.
وهنا ذكر أن
شارع الدين واحد لا معبود سواه ، ولا ينبغى أن تكتم هدايته للبشر وهو مفيض الرحمة
والإحسان ، ليتذكر أولئك الذين يكتمون البينات ، المؤثرون آراء رؤسائهم وأحبارهم ،
ثقة بهم ، واعتمادا على شفاعتهم ، إنهم لن يغنوا عنهم من الله شيئا وإنهم مخطئون
في كتمان الحق ومعاداة أهله.
الإيضاح
(وَإِلهُكُمْ إِلهٌ
واحِدٌ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ) أي وإلهكم الحقيق بالعبادة إله واحد ، فلا تشركوا به
أحدا.
والشرك به
ضربان :
(١) شرك في
الألوهية والعبادة ، بأن يعتقد المرء أن في الخلق من يشارك الله أو يعينه في
أفعاله ، أو يحمله على بعضها ويصدّه عن بعض ، فيتوجه إليه في الدعاء عند ما يتوجه
إلى الله ، ويدعوه معه ، أو يدعوه من دون الله ، ليكشف عنه ضرا أو يجلب له نفعا.
(٢) شرك به في
الربوبية ، بأن يسند الخلق والتدبير إلى غيره معه ، أو أخذ أحكام الدين من عبادة
وتحليل وتحريم من غير كتبه ووحيه الذي بلّغه عنه الرسل ، استنادا إلى أن من يؤخذ
عنهم الدين ، هم أعلم بمراد الله ، وهذا هو المراد بقوله تعالى : «اتَّخَذُوا
أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ».
فواجب علماء
الدين أن يبينوا للناس ما نزله الله ولا يكتموه ، لا أن يزيدوا فيه أو ينقصوا منه
، كما فعل من قبلهم من أهل الكتب المنزلة ، حين زادوا على الوحى أحكاما كثيرة من
تلقاء أنفسهم ، وخالفوا ما نزل بتأويلات وتعسفات بعيدة عن روح الدين وسرّه.
والله هو
الرّحمن الرّحيم الذي وسعت رحمته كل شيء ، فحسب المرء أن يرجوها