شرحت لهم أحوال كفره وإصراره على غيه ، وكيف يعاند الداعي إلى الحق ، رأوه
محلا للعن ومستحقا أشدّ العقوبة.
والسر في
التعبير بلعن الملائكة والناس ، مع أن لعن الله وحده يكفى في خزيه ، الدلالة على
أن جميع من يعلم أحواله من العوالم العلوية والسفلية يراه أهلا للعن الله ومقته ،
فلا يشفع له شافع ولا يرحمه راحم ، فهو قد استحق اللعن لدى جميع من يعقل ويعلم ،
ومن استحق النكال من الرب الرءوف الرّحيم ، فماذا يرجو من سواه من عباده؟
(خالِدِينَ فِيها لا
يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ) أي ماكثين في هذه اللعنة على طريق الدوام ، ومتى خلدوا
فيها فقد خلدوا في عذاب النار الدائم لا يخلصون منه ، ولا يخفف عنهم شىء منه ، ولا
هم ينظرون ويمهلون ليتوبوا ويعملوا صالح الأعمال ، لأن الكفر الذي استحقوا به هذا
العذاب هو غاية ما يكتسبه المرء من ظلمات الروح ، ومتى مات انقطع عمله وتعذر عليه
أن يجلّى تلك الظلمة ، ويرجع إلى الحق ، ويزكى نفسه ، ولا يمهل إذ هو الجاني على
نفسه ، فأىّ شىء يرجو من غيره؟