responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 28  صفحه : 21
ذِكْرُهَا نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ وَالتَّقَبُّلُ مِنَ اللَّهِ هُوَ إِيجَابُ الثَّوَابِ لَهُ عَلَى عَمَلِهِ، / فَإِنْ قِيلَ وَلِمَ قَالَ تَعَالَى: أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَاللَّهُ يَتَقَبَّلُ الْأَحْسَنَ وَمَا دُونَهُ؟ قُلْنَا الْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ الْأَوَّلُ: الْمُرَادُ بِالْأَحْسَنِ الْحَسَنُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى:
وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ [الزُّمَرِ: 55] كَقَوْلِهِمْ: النَّاقِصُ وَالْأَشَجُّ أَعْدَلَا بَنِي مَرْوَانَ، أَيْ عَادِلَا بَنِي مَرْوَانَ الثَّانِي: أَنَّ الْحَسَنَ مِنَ الْأَعْمَالِ هُوَ الْمُبَاحُ الَّذِي لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ ثَوَابٌ وَلَا عِقَابٌ وَالْأَحْسَنُ مَا يُغَايِرُ ذلك، وهو وكل ما كان مندوبا وَاجِبًا.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ تَعَالَى يَتَقَبَّلُ طَاعَاتِهِمْ وَيَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ. ثُمَّ قَالَ:
فِي أَصْحابِ الْجَنَّةِ قَالَ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» وَمَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ مِثْلُ قَوْلِكَ: أَكْرَمَنِي الْأَمِيرُ فِي مِائَتَيْنِ مِنْ أَصْحَابِهِ، يُرِيدُ أَكْرَمَنِي فِي جُمْلَةِ مَنْ أَكْرَمَ مِنْهُمْ وَضَمَّنِي فِي عِدَادِهِمْ، وَمَحَلُّهُ النَّصْبُ عَلَى الْحَالِ عَلَى مَعْنَى كَائِنِينَ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَمَعْدُودِينَ مِنْهُمْ، وَقَوْلُهُ وَعْدَ الصِّدْقِ مَصْدَرٌ مُؤَكِّدٌ، لِأَنَّ قَوْلَهُ نَتَقَبَّلُ، نَتَجاوَزُ وَعْدٌ مِنَ اللَّهِ لَهُمْ بِالتَّقَبُّلِ وَالتَّجَاوُزِ، وَالْمَقْصُودُ بَيَانُ أَنَّهُ تَعَالَى يُعَامِلُ مَنْ صِفَتُهُ مَا قَدَّمْنَاهُ بِهَذَا الْجَزَاءِ، وَذَلِكَ وَعْدٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى فَبَيَّنَ أَنَّهُ صِدْقٌ وَلَا شك فيه.

[سورة الأحقاف (46) : الآيات 17 الى 20]
وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما أَتَعِدانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُما يَسْتَغِيثانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلاَّ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (17) أُولئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ (18) وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمالَهُمْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (19) وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ (20)
اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا وَصَفَ الْوَلَدَ الْبَارَّ بِوَالِدَيْهِ فِي الْآيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَصَفَ الْوَلَدَ الْعَاقَّ لِوَالِدَيْهِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، فَقَالَ: وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلَانِ الْأَوَّلُ: أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، قَالُوا كان أبواه يدعوانه إلى الإسلام فيأبى، وهو أُفٍّ لَكُما وَاحْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِهَذَا الْقَوْلِ عَلَى صِحَّتِهِ، بِأَنَّهُ لَمَّا كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى مَرْوَانَ يُبَايِعُ النَّاسَ لِيَزِيدَ، قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ: لَقَدْ جِئْتُمْ بِهَا هِرَقْلِيَّةَ، أَتُبَايَعُونَ لِأَبْنَائِكُمْ؟ فَقَالَ مَرْوَانُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ هُوَ الَّذِي قَالَ اللَّهُ فِيهِ وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهُ شَخْصٌ مُعَيَّنٌ، بَلِ الْمُرَادُ مِنْهُ كُلُّ مَنْ كَانَ مَوْصُوفًا بِهَذِهِ الصِّفَةِ، وَهُوَ كُلُّ مَنْ دَعَاهُ أَبَوَاهُ إِلَى الدِّينِ الْحَقِّ فَأَبَاهُ وَأَنْكَرَهُ، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَنَا، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ وَجُوهٌ الْأَوَّلُ: أَنَّهُ تَعَالَى وَصَفَ هَذَا الَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي بِقَوْلِهِ أُولئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ وَلَا شَكَّ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ آمَنَ وَحَسُنَ إِسْلَامُهُ، وَكَانَ مِنْ سَادَاتِ الْمُسْلِمِينَ، فَبَطَلَ حَمْلُ الْآيَةِ عَلَيْهِ، فَإِنْ قَالُوا: رُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا دَعَاهُ أَبَوَاهُ إِلَى الْإِسْلَامِ وَأَخْبَرَاهُ بِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ، قَالَ: أَتَعِدانِنِي أَنْ أُخْرَجَ مِنَ الْقَبْرِ، يَعْنِي أُبْعَثُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي يَعْنِي الْأُمَمُ الْخَالِيَةُ، فَلَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْهُمْ بُعِثَ فَأَيْنَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جُدْعَانَ، وَأَيْنَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ؟ إِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَنَقُولُ قَوْلُهُ أُولئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ الْمُرَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ مَاتُوا قَبْلَهُ، وَهُمُ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ، وَبِالْجُمْلَةِ
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 28  صفحه : 21
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست