responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 28  صفحه : 22
فَهُوَ عَائِدٌ إِلَى الْمُشَارِ إِلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي لَا إِلَى الْمُشَارِ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما هَذَا مَا ذَكَرَهُ الْكَلْبِيُّ فِي دَفْعِ ذَلِكَ الدَّلِيلِ، وَهُوَ حَسَنٌ وَالْوَجْهُ الثَّانِي: فِي إِبْطَالِ ذَلِكَ الْقَوْلِ، مَا رُوِيَ أَنَّ مَرْوَانَ لَمَّا خَاطَبَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ بِذَلِكَ الْكَلَامِ سَمِعَتْ عَائِشَةُ ذَلِكَ فَغَضِبَتْ وَقَالَتْ: وَاللَّهِ مَا هُوَ بِهِ، وَلَكِنَّ اللَّهَ لَعَنَ أَبَاكَ وَأَنْتَ فِي صُلْبِهِ الْوَجْهُ الثَّالِثُ: وَهُوَ الْأَقْوَى، أَنْ يُقَالَ إِنَّهُ تَعَالَى وَصَفَ الْوَلَدَ الْبَارَّ بِأَبَوَيْهِ فِي الْآيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَوَصَفَ الْوَلَدَ الْعَاقَّ لِأَبَوَيْهِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَذَكَرَ مِنْ صِفَاتِ ذَلِكَ الْوَلَدِ أَنَّهُ بَلَغَ فِي الْعُقُوقِ إِلَى حَيْثُ لَمَّا دَعَاهُ أَبَوَاهُ إِلَى الدِّينِ الْحَقِّ، وَهُوَ الْإِقْرَارُ بِالْبَعْثِ وَالْقِيَامَةِ أَصَرَّ عَلَى الْإِنْكَارِ وَأَبَى وَاسْتَكْبَرَ، وَعَوَّلَ فِي ذَلِكَ الْإِنْكَارِ عَلَى شُبُهَاتٍ خَسِيسَةٍ وَكَلِمَاتٍ وَاهِيَةٍ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ الْمُرَادُ كُلُّ وَلَدٍ اتَّصَفَ بِالصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ وَلَا حَاجَةَ الْبَتَّةَ إِلَى تَخْصِيصِ اللَّفْظِ الْمُطْلَقِ بِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ، قَالَ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» : قُرِئَ أُفٍّ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ بِغَيْرِ تَنْوِينٍ، وَبِالْحَرَكَاتِ الثَّلَاثِ مَعَ التَّنْوِينِ، وَهُوَ صَوْتٌ إِذَا صَوَّتَ بِهِ الْإِنْسَانُ عُلِمَ أَنَّهُ مُتَضَجِّرٌ، كَمَا إِذَا قَالَ حَسِّ، عُلِمَ أَنَّهُ مُتَوَجِّعٌ، وَاللَّامُ لِلْبَيَانِ مَعْنَاهُ هَذَا/ التَّأْفِيفُ لَكُمَا خَاصَّةً، وَلِأَجْلِكُمَا دُونَ غَيْرِكُمَا، وَقُرِئَ أَتَعِدانِنِي بنونين، وأ تعداني بأحدهما وأ تعداني بِالْإِدْغَامِ، وَقَرَأَ بَعْضُهُمْ: أَتَعِدَانَنِي بِفَتْحِ النُّونِ كَأَنَّهُ اسْتَثْقَلَ اجْتِمَاعُ النُّونَيْنِ وَالْكَسْرَيْنِ وَالْيَاءِ، فَفَتْحَ الْأُولَى تَحَرِّيًا لِلتَّخْفِيفِ كَمَا تَحَرَّاهُ مَنْ أَدْغَمَ وَمَنْ طَرَحَ أَحَدَهُمَا.
ثُمَّ قَالَ: أَنْ أُخْرَجَ أَيْ أَنْ أُبْعَثَ وَأُخْرَجَ مِنَ الْأَرْضِ، وَقُرِئَ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي يَعْنِي وَلَمْ يُبْعَثْ مِنْهُمْ أَحَدٌ.
ثُمَّ قَالَ: وَهُما يَسْتَغِيثانِ اللَّهَ أَيْ الْوَالِدَانِ يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ، فَإِنْ قَالُوا: كَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يُقَالَ يَسْتَغِيثَانِ بِاللَّهِ؟
قُلْنَا الْجَوَابُ: مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ: أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ مَنْ كُفْرِهِ وَإِنْكَارِهِ، فَلَمَّا حُذِفَ الْجَارُّ وُصِلَ الْفِعْلُ الثَّانِي: يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ الباء حذف، لأنه أريد بالاستغاثة هاهنا الدُّعَاءُ عَلَى مَا قَالَهُ الْمُفَسِّرُونَ يَدْعُوَانِ اللَّهَ فَلَمَّا أُرِيدَ بِالِاسْتِغَاثَةِ الدُّعَاءُ حُذِفَ الْجَارُّ، لِأَنَّ الدُّعَاءَ لَا يَقْتَضِيهِ، وَقَوْلُهُ وَيْلَكَ أَيْ يَقُولَانِ لَهُ وَيْلَكَ آمِنْ وَصَدِّقْ بِالْبَعْثِ وَهُوَ دُعَاءٌ عَلَيْهِ بِالثُّبُورِ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْحَثُّ، وَالتَّحْرِيضُ عَلَى الْإِيمَانِ لَا حَقِيقَةَ الْهَلَاكِ.
ثُمَّ قَالَ: إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ بِالْبَعْثِ حَقٌّ فَيَقُولُ لَهُمَا مَا هَذَا الَّذِي تَقُولَانِ مِنْ أَمْرِ الْبَعْثِ وَتَدْعُوَانِنِي إِلَيْهِ إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: أُولئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ أَيْ حَقَّتْ عليهم كلمة العذاب، ثم هاهنا قَوْلَانِ: فَالَّذِينَ يَقُولُونَ الْمُرَادُ بِنُزُولِ الْآيَةِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، قَالُوا الْمُرَادُ بِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ هُمُ الْقُرُونُ الَّذِينَ خَلَوْا مَنْ قَبْلِهِ، وَالَّذِينَ قَالُوا الْمُرَادُ بِهِ لَيْسَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ، بَلْ كُلُّ وَلَدٍ كَانَ مَوْصُوفًا بِالصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ، قَالُوا هَذَا الْوَعِيدُ مُخْتَصٌّ بِهِمْ، وَقَوْلُهُ فِي أُمَمٍ نَظِيرٌ لِقَوْلِهِ فِي أَصْحابِ الْجَنَّةِ وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ نَظِيرٌ لِقَوْلِهِ: أَكْرَمَنِي الْأَمِيرُ فِي أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، يُرِيدُ أَكْرَمَنِي فِي جُمْلَةِ مَنْ أَكْرَمَ مِنْهُمْ.
ثم قال: إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ وَقُرِئَ أَنَّ بِالْفَتْحِ عَلَى مَعْنَى آمَنَ بِأَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ.
ثُمَّ قَالَ: وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَفِيهِ قَوْلَانِ الْأَوَّلُ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَ الْوَلَدَ الْبَارَّ، ثُمَّ أَرْدَفَهُ بِذِكْرِ الْوَلَدِ الْعَاقِّ، فَقَوْلُهُ وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا خَاصٌّ بِالْمُؤْمِنِينَ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُؤْمِنَ الْبَارَّ بِوَالِدَيْهِ لَهُ دَرَجَاتٌ مُتَفَاوِتَةٌ، وَمَرَاتِبُ مُخْتَلِفَةٌ فِي هَذَا الْبَابِ وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ قوله لِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا عَائِدٌ إِلَى الْفَرِيقَيْنِ،
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 28  صفحه : 22
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست