responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 23  صفحه : 205
وَالْأَجَلُ الْمُسَمَّى هُوَ الْوَقْتُ الْمَضْرُوبُ لِلْوِلَادَةِ وَهُوَ آخِرُ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، أَوْ تِسْعَةٌ، أَوْ أَرْبَعُ سِنِينَ أَوْ كَمَا شَاءَ وَقَدَّرَ اللَّه تَعَالَى فَإِنْ كَتَبَ ذَلِكَ صَارَ أَجَلًا مُسَمًّى الْمَرْتَبَةُ الْخَامِسَةُ: قَوْلُهُ: ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا وَإِنَّمَا وَحَّدَ الطِّفْلَ لِأَنَّ الْغَرَضَ الدَّلَالَةُ عَلَى الْجِنْسِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَخْرُجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ طِفْلًا كَقَوْلِهِ: وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ [التَّحْرِيمِ: 4] الْمَرْتَبَةُ السَّادِسَةُ: قَوْلُهُ: ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَالْأَشُدُّ كَمَالُ الْقُوَّةِ وَالْعَقْلِ وَالتَّمْيِيزِ وَهُوَ مِنْ أَلْفَاظِ الْجُمُوعِ الَّتِي لَمْ يُسْتَعْمَلْ لَهَا وَاحِدٌ وَكَأَنَّهَا شِدَّةٌ فِي غَيْرِ شَيْءٍ وَاحِدٍ فَبُنِيَتْ لِذَلِكَ عَلَى لَفْظِ الْجَمْعِ، وَالْمُرَادُ واللَّه أَعْلَمُ ثُمَّ سَهَّلَ فِي تَرْبِيَتِكُمْ وَأَغْذِيَتِكُمْ أُمُورًا لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ فَنَبَّهَ بِذَلِكَ عَلَى الْأَحْوَالِ الَّتِي بَيْنَ خُرُوجِ الطِّفْلِ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ وَبَيْنَ بُلُوغِ الْأَشُدِّ وَيَكُونُ بَيْنَ الْحَالَتَيْنِ وَسَائِطُ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ حَالِ الطُّفُولِيَّةُ وَبَيْنَ ابْتِدَاءِ حَالِ بُلُوغِ الْأَشُدِّ وَاسِطَةٌ حَتَّى جَوَّزَ أَنْ يَبْلُغَ فِي السِّنِّ وَيَكُونَ طِفْلًا كَمَا يَكُونُ غُلَامًا ثُمَّ يَدْخُلُ فِي الْأَشُدِّ الْمَرْتَبَةُ السَّابِعَةُ: قَوْلُهُ: وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً وَالْمَعْنَى أَنَّ مِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى عَلَى قُوَّتِهِ وَكَمَالِهِ، وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ وَهُوَ الْهَرَمُ وَالْخَرَفُ، فَيَصِيرُ كَمَا كَانَ فِي أَوَّلِ طُفُولِيَّتِهِ ضَعِيفَ الْبِنْيَةِ، سَخِيفَ الْعَقْلِ، قَلِيلَ الْفَهْمِ. فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ قَالَ: لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً مَعَ أَنَّهُ يَعْلَمُ بَعْضَ الْأَشْيَاءِ كَالطِّفْلِ؟ قُلْنَا الْمُرَادُ أَنَّهُ يَزُولُ عَقْلُهُ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ شَيْئًا لِأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ قَدْ يُذْكَرُ فِي النَّفْيِ لِأَجْلِ الْمُبَالَغَةِ، وَمِنَ النَّاسِ مَنْ قَالَ هَذِهِ الْحَالَةُ لَا تَحْصُلُ لِلْمُؤْمِنِينَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ، إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَهُوَ ضَعِيفٌ. لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ [التين: 5] هُوَ دَلَالَةٌ عَلَى الذَّمِّ فَالْمُرَادُ بِهِ مَا يَجْرِي مَجْرَى الْعُقُوبَةِ وَلِذَلِكَ قَالَ: إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ [التِّينِ: 6] فَهَذَا تَمَامُ الِاسْتِدْلَالِ بِحَالِ خِلْقَةِ الْحَيَوَانِ عَلَى صِحَّةِ الْبَعْثِ الوجه الثَّانِي: الِاسْتِدْلَالُ بِحَالِ خِلْقَةِ النَّبَاتِ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً وَهُمُودُهَا يُبْسُهَا وَخُلُوُّهَا عَنِ النَّبَاتِ وَالْخُضْرَةِ فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَالِاهْتِزَازُ الْحَرَكَةُ عَلَى سُرُورٍ فَلَا يَكَادُ يُقَالُ اهْتَزَّ فُلَانٌ لِكَيْتٍ وَكَيْتٍ إِلَّا إِذَا كَانَ الْأَمْرُ مِنَ الْمَحَاسِنِ وَالْمَنَافِعِ فَقَوْلُهُ: اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ أَيْ تَحَرَّكَتْ بِالنَّبَاتِ وَانْتَفَخَتْ.
أَمَّا قَوْلُهُ: وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ فَهُوَ مَجَازٌ لِأَنَّ الْأَرْضَ يَنْبُتُ مِنْهَا واللَّه تَعَالَى هُوَ الْمُنْبِتُ لِذَلِكَ، لَكِنَّهُ يُضَافُ إِلَيْهَا تَوَسُّعًا، وَمَعْنَى مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ النَّبَاتِ مِنْ زَرْعٍ وَغَرْسٍ، وَالْبَهْجَةُ حُسْنُ الشَّيْءِ وَنَضَارَتُهُ، وَالْبَهِيجُ بِمَعْنَى الْمُبْهِجِ قَالَ الْمُبَرِّدُ وَهُوَ الشَّيْءُ الْمُشْرِقُ الْجَمِيلُ، ثُمَّ إِنَّهُ سُبْحَانَهُ لَمَّا قَرَّرَ هَذَيْنِ الدَّلِيلَيْنِ رَتَّبَ عَلَيْهِمَا مَا هُوَ الْمَطْلُوبُ وَالنَّتِيجَةُ وَذَكَرَ أُمُورًا خَمْسَةً أَحَدُهَا: قَوْلُهُ ذَلِكَ: بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَالْحَقُّ هُوَ الْمَوْجُودُ الثَّابِتُ فَكَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ بَيَّنَ أَنَّ هَذِهِ الْوُجُوهَ دَالَّةٌ عَلَى وُجُودِ الصَّانِعِ وَحَاصِلُهَا رَاجِعٌ إِلَى أَنَّ/ حُدُوثَ هَذِهِ الأعراض الْمُتَنَافِيَةِ وَتَوَارُدَهَا عَلَى الْأَجْسَامِ يَدُلُّ عَلَى وُجُودِ الصانع وثانيها: قوله تعالى: وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتى فَهَذَا تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُسْتَبْعَدْ مِنَ الْإِلَهِ إِيجَادُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فَكَيْفَ يُسْتَبْعَدُ مِنْهُ إِعَادَةُ الْأَمْوَاتِ وَثَالِثُهَا: قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ يَعْنِي أَنَّ الَّذِي يَصِحُّ مِنْهُ إِيجَادُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ وَاجِبَ الْإِنْصَافِ لِذَاتِهِ بِالْقُدْرَةِ وَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ كَانَ قَادِرًا عَلَى جَمِيعِ الْمُمْكِنَاتِ وَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَى الْإِعَادَةِ وَرَابِعُهَا: قَوْلُهُ: وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيها وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَمَّا أَقَامَ الدَّلَائِلَ عَلَى أَنَّ الْإِعَادَةَ فِي نَفْسِهَا مُمْكِنَةٌ وَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَادِرٌ عَلَى كُلِّ الْمُمْكِنَاتِ وَجَبَ الْقَطْعُ بِكَوْنِهِ قَادِرًا عَلَى الْإِعَادَةِ فِي نَفْسِهَا، وَإِذَا ثَبَتَ الْإِمْكَانُ وَالصَّادِقُ أَخْبَرَ عَنْ وُقُوعِهِ فَلَا بُدَّ مِنَ الْقَطْعِ بِوُقُوعِهِ، واعلم أن
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 23  صفحه : 205
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست