responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 23  صفحه : 206
تَحْرِيرَ هَذِهِ الدَّلَالَةِ عَلَى الوجه النَّظَرِيِّ أَنْ يُقَالَ الْإِعَادَةُ فِي نَفْسِهَا مُمْكِنَةٌ وَالصَّادِقُ أَخْبَرَ عَنْ وُقُوعِهَا فَلَا بُدَّ مِنَ الْقَطْعِ بِوُقُوعِهَا، أَمَّا بَيَانُ الْإِمْكَانِ فَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ هَذِهِ الْأَجْسَامَ بَعْدَ تَفَرُّقِهَا قَابِلَةٌ لِتِلْكَ الصِّفَاتِ الَّتِي كَانَتْ قَائِمَةً بِهَا حَالَ كَوْنِهَا حَيَّةً عَاقِلَةً وَالْبَارِئُ سُبْحَانَهُ عَالِمٌ بِكُلِّ الْمَعْلُومَاتِ قَادِرٌ عَلَى كُلِّ الْمَقْدُورَاتِ الْمُمْكِنَةِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي الْقَطْعَ بِإِمْكَانِ الْإِعَادَةِ لِمَا قُلْنَا إِنَّ تِلْكَ الْأَجْسَامَ بَعْدَ تَفَرُّقِهَا قَابِلَةٌ لِتِلْكَ الصِّفَاتِ لِأَنَّهَا لَوْ لَمْ تَكُنْ قَابِلَةً لَهَا فِي وَقْتٍ لَمَا كَانَتْ قَابِلَةً لَهَا فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ، لِأَنَّ الْأُمُورَ الذَّاتِيَّةَ لَا تَزُولُ، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ قَابِلَةً لَهَا فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ لَمَا كَانَتْ حَيَّةً عَاقِلَةً فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ، لَكِنَّهَا كَانَتْ حَيَّةً عَاقِلَةً فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ قَابِلَةً أَبَدًا لِهَذِهِ الصِّفَاتِ. وَأَمَّا أَنَّ الْبَارِئَ سُبْحَانَهُ يُمْكِنُهُ تَحْصِيلُ ذَلِكَ الْمُمْكِنِ فَلِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ عَالِمٌ بِكُلِّ الْمَعْلُومَاتِ فَيَكُونُ عَالِمًا بِأَجْزَاءِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُكَلَّفِينَ عَلَى التَّعْيِينِ وَقَادِرًا عَلَى كُلِّ الْمُمْكِنَاتِ، فَيَكُونُ قَادِرًا عَلَى إِيجَادِ تِلْكَ الصِّفَاتِ فِي تِلْكَ الذَّوَاتِ. فَثَبَتَ أَنَّ الْإِعَادَةَ فِي نَفْسِهَا مُمْكِنَةٌ وَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ يُمْكِنُهُ تَحْصِيلُ ذَلِكَ الْمُمْكِنِ. فَثَبَتَ أَنَّ الْإِعَادَةَ مُمْكِنَةٌ فِي نَفْسِهَا. فَإِذَا أَخْبَرَ الصَّادِقُ عَنْ وُقُوعِهَا فَلَا بُدَّ مِنَ الْقَطْعِ بِوُقُوعِهَا، فَهَذَا هُوَ الْكَلَامُ فِي تَقْرِيرِ هَذَا الْأَصْلِ. فَإِنْ قِيلَ فَأَيُّ مَنْفَعَةٍ لِذِكْرِ مَرَاتِبِ خِلْقَةِ الْحَيَوَانَاتِ وَخِلْقَةِ النَّبَاتِ فِي هَذِهِ الدَّلَالَةِ؟ قُلْنَا إِنَّهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ سُبْحَانَهُ قَادِرٌ عَلَى كُلِّ الْمُمْكِنَاتِ وَعَالِمٌ بِكُلِّ الْمَعْلُومَاتِ، وَمَتَى صَحَّ ذَلِكَ فَقَدْ صَحَّ كَوْنُ الْإِعَادَةِ مُمْكِنَةً فَإِنَّ الْخَصْمَ لَا يُنْكِرُ الْمَعَادَ إِلَّا بِنَاءً عَلَى إِنْكَارِ أَحَدِ هَذَيْنِ الْأَصْلَيْنِ، وَلِذَلِكَ فَإِنَّ اللَّه تَعَالَى حَيْثُ أَقَامَ الدَّلَالَةَ عَلَى الْبَعْثِ فِي كِتَابِهِ ذَكَرَ مَعَهُ كَوْنَهُ قَادِرًا عَالِمًا كَقَوْلِهِ: قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ [يس: 79] فَقَوْلُهُ: قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها بَيَانٌ لِلْقُدْرَةِ وَقَوْلُهُ: وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ بَيَانٌ للعلم واللَّه أعلم.

[سورة الحج (22) : الآيات 8 الى 10]
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ (8) ثانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَذابَ الْحَرِيقِ (9) ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ (10)
الْقِرَاءَةُ: ثانِيَ عِطْفِهِ بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْحَسَنُ وَحْدَهُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ لِيُضِلَّ قُرِئَ بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِهَا الْقِرَاءَةُ الْمَعْرُوفَةُ وَنُذِيقُهُ بِالنُّونِ وَقَرَأَ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ أُذِيقُهُ، الْمَعَانِي فِي الْآيَةِ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ [الْحَجِّ: 3] مَنْ هُمْ؟ عَلَى وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: قَالَ أَبُو مُسْلِمٍ الْآيَةُ الْأُولَى وَهِيَ قَوْلُهُ: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ وَارِدَةٌ فِي الْأَتْبَاعِ الْمُقَلِّدِينَ وَهَذِهِ الْآيَةُ وَارِدَةٌ فِي الْمَتْبُوعِينَ الْمُقَلِّدِينَ، فَإِنَّ كِلَا الْمُجَادِلَيْنِ جَادَلَ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا تَبَعًا وَالْآخَرُ مَتْبُوعًا وَبَيَّنَ ذَلِكَ قَوْلُهُ: وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ فَإِنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لَا يُقَالُ فِي الْمُقَلِّدِ، وَإِنَّمَا يُقَالُ فِيمَنْ يُخَاصِمُ بِنَاءً عَلَى شُبْهَةٍ، فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يَصِحُّ مَا قُلْتُمْ وَالْمُقَلِّدُ لَا يَكُونُ مُجَادِلًا؟ قُلْنَا قَدْ يُجَادِلُ تَصْوِيبًا لِتَقْلِيدِهِ وَقَدْ يُورِدُ الشُّبْهَةَ الظَّاهِرَةَ إِذَا تَمَكَّنَ مِنْهَا وَإِنْ كَانَ مُعْتَمَدُهُ الْأَصْلِيُّ هُوَ التَّقْلِيدَ وَثَانِيهَا: أَنَّ الآية الأولى نزلت في النضر بن الحرث، وَهَذِهِ الْآيَةُ فِي أَبِي جَهْلٍ وَثَالِثُهَا: أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ أَيْضًا فِي النَّضْرِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا وَفَائِدَةُ التَّكْرِيرِ الْمُبَالَغَةُ فِي الذَّمِّ وَأَيْضًا ذَكَرَ فِي الْآيَةِ الْأُولَى اتِّبَاعَهُ لِلشَّيْطَانِ تَقْلِيدًا بِغَيْرِ حُجَّةٍ، وَفِي الثَّانِيَةِ مُجَادَلَتَهُ فِي الدِّينِ وَإِضْلَالَهُ غَيْرَهُ بِغَيْرِ حُجَّةٍ وَالوجه الْأَوَّلُ أَقْرَبُ لِمَا تَقَدَّمَ.
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 23  صفحه : 206
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست