responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 23  صفحه : 204
[طه: 55] ، وَالثَّانِي: أَنَّ خِلْقَةَ الْإِنْسَانِ مِنَ الْمَنِيِّ وَدَمِ الطَّمْثِ وَهُمَا إِنَّمَا يَتَوَلَّدَانِ مِنَ الْأَغْذِيَةِ، وَالْأَغْذِيَةُ إِمَّا حَيَوَانٌ أَوْ نَبَاتٌ وَغِذَاءُ الْحَيَوَانِ يَنْتَهِي قَطْعًا لِلتَّسَلْسُلِ إِلَى النَّبَاتِ، وَالنَّبَاتُ إِنَّمَا يَتَوَلَّدُ مِنَ الْأَرْضِ وَالْمَاءِ، فَصَحَّ قَوْلُهُ: فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ الْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ: ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ وَالنُّطْفَةُ اسْمٌ لِلْمَاءِ الْقَلِيلِ أَيِّ مَاءٍ كَانَ، وَهُوَ هَاهُنَا مَاءُ الْفَحْلِ فَكَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ يَقُولُ: أَنَا الَّذِي قَلَبْتُ ذَلِكَ التُّرَابَ الْيَابِسَ مَاءً لَطِيفًا، مَعَ أَنَّهُ لَا مُنَاسَبَةَ بَيْنَهُمَا الْبَتَّةَ الْمَرْتَبَةُ الثَّالِثَةُ: قَوْلُهُ: ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ الْعَلَقَةُ قِطْعَةُ الدَّمِ الْجَامِدَةُ، وَلَا شَكَّ أَنَّ بَيْنَ الْمَاءِ وَبَيْنَ الدَّمِ الْجَامِدِ مُبَايَنَةً شَدِيدَةً الْمَرْتَبَةُ الرَّابِعَةُ: قَوْلُهُ: ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ، لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ مَا نَشاءُ فَالْمُضْغَةُ اللَّحْمَةُ الصَّغِيرَةُ قَدْرُ مَا يُمْضَغُ، وَالْمُخَلَّقَةُ الْمُسَوَّاةُ الْمَلْسَاءُ السَّالِمَةُ مِنَ النُّقْصَانِ وَالْعَيْبِ، يُقَالُ خَلَّقَ السِّوَاكَ وَالْعُودَ إِذَا سَوَّاهُ وَمَلَّسَهُ، مِنْ قَوْلِهِمْ صَخْرَةٌ خَلْقَاءُ إِذَا كَانَتْ مَلْسَاءَ. ثُمَّ لِلْمُفَسِّرِينَ فِيهِ أَقْوَالٌ: أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مَنْ تَمَّتْ فِيهِ أَحْوَالُ الْخَلْقِ وَمَنْ لَمْ تَتِمَّ، كَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ قَسَّمَ الْمُضْغَةَ إِلَى قِسْمَيْنِ: أَحَدُهُمَا: تَامَّةُ الصُّوَرِ وَالْحَوَاسِّ وَالتَّخَاطِيطِ وَثَانِيهِمَا: النَّاقِصَةُ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ فَبَيَّنَ أَنَّ بَعْدَ أَنْ صَيَّرَهُ مُضْغَةً مِنْهَا مَا خَلَقَهُ إِنْسَانًا تَامًّا بِلَا نَقْصٍ وَمِنْهَا مَا لَيْسَ كَذَلِكَ وَهَذَا قَوْلُ قَتَادَةَ وَالضَّحَّاكِ، فَكَأَنَّ اللَّه تَعَالَى يَخْلُقُ الْمُضَغَ مُتَفَاوِتَةً مِنْهَا مَا هُوَ كَامِلُ الْخِلْقَةِ أَمْلَسُ مِنَ الْعُيُوبِ وَمِنْهَا مَا هُوَ عَلَى عَكْسِ ذَلِكَ فَتَبِعَ ذَلِكَ التَّفَاوُتَ، تَفَاوُتُ النَّاسِ فِي خَلْقِهِمْ وَصُوَرِهِمْ وَطُولِهِمْ وَقِصَرِهِمْ وَتَمَامِهِمْ وَنُقْصَانِهِمْ وَثَانِيهَا: الْمُخَلَّقَةُ الْوَلَدُ الَّذِي يَخْرُجُ حَيًّا وَغَيْرُ الْمُخَلَّقَةِ السَّقْطُ وَهُوَ قَوْلُ مجاهدو ثالثها: الْمُخَلَّقَةُ الْمُصَوَّرَةُ وَغَيْرُ الْمُخَلَّقَةِ أَيْ غَيْرُ الْمُصَوَّرَةِ وَهُوَ الَّذِي يَبْقَى لَحْمًا مِنْ غَيْرِ تَخْطِيطٍ وَتَشْكِيلٍ وَاحْتَجُّوا بِمَا رَوَى عَلْقَمَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّه قَالَ: «إِذَا وَقَعَتِ النُّطْفَةُ فِي الرَّحِمِ بَعَثَ اللَّه مَلَكًا وَقَالَ يَا رَبِّ مُخَلَّقَةٌ أَوْ غَيْرُ مُخَلَّقَةٍ، فَإِنْ قَالَ غَيْرُ مُخَلَّقَةٍ مَجَّتْهَا الْأَرْحَامُ دَمًا، وَإِنْ قَالَ مُخَلَّقَةٌ، قَالَ يَا رَبِّ فَمَا صِفَتُهَا، أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى، مَا رِزْقُهَا، مَا أَجَلُهَا، أَشَقِيٌّ، أَمْ سَعِيدٌ؟ فَيَقُولُ اللَّه سُبْحَانَهُ انْطَلِقَ إِلَى أُمِّ الْكِتَابِ فَاسْتَنْسِخْ مِنْهُ صِفَةَ هَذِهِ النُّطْفَةِ، فَيَنْطَلِقُ الْمَلَكُ فَيَنْسَخُهَا، فَلَا يَزَالُ مَعَهُ حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى آخِرِ صِفَتِهَا» وَرَابِعُهَا: قَالَ الْقَفَّالُ: التَّخْلِيقُ مَأْخُوذٌ مِنَ الْخَلْقِ فَمَا تَتَابَعَ عَلَيْهِ الْأَطْوَارُ وَتَوَارَدَ عَلَيْهِ الْخَلْقُ بَعْدَ الْخَلْقِ فَذَاكَ هُوَ الْمُخَلَّقُ لِتَتَابُعِ الْخَلْقِ عَلَيْهِ، قَالُوا فَمَا تَمَّ فَهُوَ الْمُخَلَّقُ وَمَا لَمْ يَتِمَّ فَهُوَ غَيْرُ الْمُخَلَّقِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَتَوَارَدْ عَلَيْهِ التَّخْلِيقَاتُ. وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَقْرَبُ لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ فِي أَوَّلِ الْآيَةِ: فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ وَأَشَارَ إِلَى النَّاسِ فَيَجِبُ أَنْ تُحْمَلَ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ عَلَى مَنْ سَيَصِيرُ إِنْسَانًا وَذَلِكَ يَبْعُدُ فِي السَّقْطِ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ سَقْطًا وَلَمْ يَتَكَامَلْ فِيهِ الْخِلْقَةُ فَإِنْ قِيلَ هَلَّا حَمَلْتُمْ ذَلِكَ عَلَى السَّقْطِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ: وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ مَا نَشاءُ وَذَلِكَ كَالدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ فِيهِ مَا لَا يُقِرُّهُ في الرحم وهو السقط، فلنا إِنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ مَا ذَكَرْنَا فِي كَوْنِ الْمُضْغَةِ مُخَلَّقَةً وَغَيْرَ مُخَلَّقَةٍ، لِأَنَّهُ بَعْدَ أَنْ تَمَّمَ خِلْقَةَ الْبَعْضِ وَنَقَصَ خِلْقَةَ الْبَعْضِ لَا يَجِبُ أَنْ يَتَكَامَلَ ذَلِكَ بَلْ فِيهِ مَا يُقِرُّهُ اللَّه فِي الرَّحِمِ وَفِيهِ مَا لَا يُقِرُّهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ أَظْهَرَ فِيهِ خِلْقَةَ الْإِنْسَانِ فَيَكُونُ مِنْ هَذَا الوجه قَدْ دَخَلَ فِيهِ السَّقْطُ.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: لِنُبَيِّنَ لَكُمْ فَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: لِنُبَيِّنَ لَكُمْ أَنَّ تَغْيِيرَ الْمُضْغَةِ إِلَى الْمُخَلَّقَةِ هُوَ بِاخْتِيَارِ الْفَاعِلِ الْمُخْتَارِ، وَلَوْلَاهُ لَمَا صَارَ بَعْضُهُ مُخَلَّقًا وَبَعْضُهُ غَيْرَ مُخَلَّقٍ وَثَانِيهِمَا: التَّقْدِيرُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا أَخْبَرْنَاكُمْ أَنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ كَذَا وَكَذَا لِنُبَيِّنَ لَكُمْ مَا يُزِيلُ عَنْكُمْ ذَلِكَ الرَّيْبَ/ فِي أَمْرِ بَعْثِكُمْ، فَإِنَّ الْقَادِرَ عَلَى هَذِهِ الْأَشْيَاءِ كَيْفَ يَكُونُ عَاجِزًا عَنِ الْإِعَادَةِ.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ مَا نَشاءُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَالْمُرَادُ مِنْهُ مَنْ يُبَلِّغُهُ اللَّه تَعَالَى حد الولادة،
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 23  صفحه : 204
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست