responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 15  صفحه : 484
يَحْصُلَ هَذَا الْمَعْنَى فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ مِنَ الْآيَةِ هُوَ الْأَوَّلُ وَجَبَ أَنْ يَحْصُلَ هَذَا الْمَعْنَى مِنَ الْقِتَالِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ/ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فِي أَرْضِ مَكَّةَ وَمَا حَوَالَيْهَا، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ حَصَلَ هُنَا،
قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «لَا يَجْتَمِعُ دِينَانِ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ»
وَلَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى جَمِيعِ الْبِلَادِ، إِذْ لَوْ كَانَ ذَلِكَ مُرَادًا لَمَا بَقِيَ الْكُفْرُ فِيهَا مَعَ حُصُولِ الْقِتَالِ الَّذِي أَمَرَ اللَّه بِهِ، وَأَمَّا إِذَا كَانَ الْمُرَادُ مِنَ الْآيَةِ هُوَ الثَّانِي، وَهُوَ قَوْلُهُ: قَاتِلُوهُمْ لِغَرَضِ أَنْ يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ للَّه، فَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَمْ يَمْتَنِعْ حَمْلُهُ عَلَى إِزَالَةِ الْكُفْرِ عَنْ جَمِيعِ الْعَالَمِ لِأَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ مَا كَانَ غَرَضًا لِلْإِنْسَانِ، فَإِنَّهُ يَحْصُلُ، فَكَانَ الْمُرَادُ الْأَمْرَ بِالْقِتَالِ لِحُصُولِ هَذَا الْغَرَضِ سَوَاءٌ حَصَلَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَوْ لَمْ يَحْصُلْ.
ثُمَّ قَالَ: فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِما يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ وَالْمَعْنَى فَإِنِ انْتَهَوْا عَنِ الْكُفْرِ وَسَائِرِ الْمَعَاصِي بِالتَّوْبَةِ وَالْإِيمَانِ فَإِنَّ اللَّهَ بِما يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ عَالِمٌ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ يُوَصِّلُ إِلَيْهِمْ ثَوَابَهُمْ وَإِنْ تَوَلَّوْا يَعْنِي عَنِ التَّوْبَةِ وَالْإِيمَانِ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلاكُمْ أَيْ وَلِيُّكُمُ الَّذِي يَحْفَظُكُمْ وَيَرْفَعُ الْبَلَاءَ عَنْكُمْ، ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّهُ تَعَالَى نِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ وَكُلُّ مَا كَانَ فِي حِمَايَةِ هَذَا الْمَوْلَى وَفِي حِفْظِهِ وَكِفَايَتِهِ، كَانَ آمِنًا من الآفات مصوناً عن المخوفات.

[سورة الأنفال (8) : آية 41]
وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (41)
اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا أَمَرَ بِالْمُقَاتَلَةِ فِي قَوْلِهِ: وَقاتِلُوهُمْ وَكَانَ مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ عِنْدَ الْمُقَاتَلَةِ قَدْ تَحْصُلُ الْغَنِيمَةُ، لَا جَرَمَ ذَكَرَ اللَّه تَعَالَى حُكْمَ الْغَنِيمَةِ، وَفِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: الْغُنْمُ: الْفَوْزُ بِالشَّيْءِ، يُقَالُ: غَنِمَ يَغْنَمُ غُنْمًا فَهُوَ غَانِمٌ، وَالْغَنِيمَةُ فِي الشَّرِيعَةِ مَا دَخَلَتْ فِي أَيْدِي الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَمْوَالِ الْمُشْرِكِينَ عَلَى سَبِيلِ الْقَهْرِ بِالْخَيْلِ وَالرِّكَابِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَالَ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» : (مَا) فِي قَوْلِهِ: أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ مَوْصُولَةٌ وَقَوْلُهُ: مِنْ شَيْءٍ يَعْنِي أي شيء كان حتى الخيط والمخيط فَأَنَّ لِلَّهِ خبر مبتدأ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: فَحَقٌّ أَوْ فَوَاجِبٌ/ أَنَّ للَّه خُمُسَهُ، وَرَوَى النَّخَعِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ بِالْكَسْرِ، وَتَقْدِيرُهُ: عَلَى قِرَاءَةِ النَّخَعِيِّ فَلِلَّهِ خُمُسُهُ وَالْمَشْهُورُ آكَدُ وَأَثْبَتُ لِلْإِيجَابِ، كَأَنَّهُ قِيلَ: فَلَا بُدَّ مِنْ إِثْبَاتِ الْخُمُسِ فِيهِ، وَلَا سَبِيلَ إِلَى الْإِخْلَالِ بِهِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إِذَا حُذِفَ الْخَبَرُ وَاحْتَمَلَ وُجُوهًا كَثِيرَةً مِنَ الْمُقَدَّرَاتِ كَقَوْلِكَ ثَابِتٌ: وَاجِبٌ، حَقٌّ، لَازِمٌ، كَانَ أَقْوَى لِإِيجَابِهِ مِنَ النَّصِّ عَلَى وَاحِدٍ، وَقُرِئَ خُمُسَهُ بِالسُّكُونِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: فِي كَيْفِيَّةِ قِسْمَةِ الْغَنَائِمِ.
اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ تَقْتَضِي أَنْ يُؤْخَذَ خُمْسُهَا، وَفِي كَيْفِيَّةِ قِسْمَةِ ذَلِكَ الْخُمْسِ قَوْلَانِ:
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ أَنَّ ذَلِكَ الْخُمْسَ يُخْمَسُ، فَسَهْمٌ لِرَسُولِ اللَّه، وَسَهْمٌ لِذَوِي قُرْبَاهُ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ، دُونَ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ وَبَنِي نَوْفَلٍ، لِمَا
رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ وَجُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَنَّهُمَا قَالَا لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَؤُلَاءِ إِخْوَتُكَ بَنُو هَاشِمٍ لَا يُنْكَرُ فَضْلُهُمْ لِكَوْنِكَ مِنْهُمْ أَرَأَيْتَ إِخْوَانَنَا بَنِي الْمُطَّلِبِ أَعْطَيْتَهُمْ وَحَرَمْتَنَا،
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 15  صفحه : 484
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست