responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 15  صفحه : 365
الجزء الخامس عشر
[تتمة سورة الأعراف]
بسم الله الرحمن الرحيم

[سورة الأعراف (7) : آية 146]
سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِها وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ (146)
[في قَوْلُهُ تَعَالَى سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها] في الآية مسائل:
المسألة الاولى: [ذكر في الآية ما يعاملهم به] اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ فِي الْآيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ قَوْلَهُ: سَأُرِيكُمْ دارَ الْفاسِقِينَ [الْأَعْرَافِ:
145] ذَكَرَ في الْآيَةِ مَا يُعَامِلُهُمْ بِهِ فَقَالَ: سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى قَدْ يَمْنَعُ عَنِ الْإِيمَانِ وَيَصُدُّ عَنْهُ وَذَلِكَ ظَاهِرٌ وَقَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ: لَا يُمْكِنُ حَمْلُ الْآيَةِ عَلَى مَا ذَكَرْتُمُوهُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ وُجُوهٌ:
الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: قَالَ الْجُبَّائِيُّ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْهُ أَنَّهُ تَعَالَى يَصْرِفُهُمْ عَنِ الْإِيمَانِ بِآيَاتِهِ لِأَنَّ قَوْلَهُ:
سَأَصْرِفُ يَتَنَاوَلُ الْمُسْتَقْبَلَ وَقَدْ بَيَّنَ تَعَالَى أَنَّهُمْ كَفَرُوا فَكَذَّبُوا مِنْ قَبْلِ هَذَا الصَّرْفِ لِأَنَّهُ تَعَالَى وَصَفَهُمْ بِكَوْنِهِمْ مُتَكَبِّرِينَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِأَنَّهُمْ إِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا فَثَبَتَ أَنَّ الْآيَةَ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ الْكُفْرَ قَدْ حَصَلَ لَهُمْ فِي الزَّمَانِ الْمَاضِي فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ هَذَا الصَّرْفِ الْكُفْرَ بِاللَّهِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ قَوْلَهُ: سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ مَذْكُورٌ عَلَى وَجْهِ الْعُقُوبَةِ عَلَى التَّكَبُّرِ وَالْكُفْرِ فَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْ هَذَا الصَّرْفِ هُوَ كُفْرَهُمْ لَكَانَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ تَعَالَى/ خَلَقَ فِيهِمُ الْكُفْرَ عُقُوبَةً لَهُمْ عَلَى إِقْدَامِهِمْ عَلَى الْكُفْرِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْعُقُوبَةَ عَلَى الْكُفْرِ بِمِثْلِ ذَلِكَ الْفِعْلِ الْمُعَاقَبِ عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ فَثَبَتَ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ هَذَا الصَّرْفِ الْكُفْرَ.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ لَوْ صَرَفَهُمْ عَنِ الْإِيمَانِ وَصَدَّهُمْ عَنْهُ فَكَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ يَقُولَ مَعَ ذَلِكَ فَما لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ [الِانْشِقَاقِ: 20] فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ [الْمُدَّثِّرِ: 49] وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا [الإسراء: 94 الْكَهْفِ: 55] فَثَبَتَ أَنَّ حَمْلَ الْآيَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ غَيْرُ مُمْكِنٍ فَوَجَبَ حَمْلُهَا عَلَى وُجُوهٍ أُخْرَى.
فَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ: قَالَ الْكَعْبِيُّ وَأَبُو مُسْلِمٍ الْأَصْفَهَانِيُّ: إِنَّ هَذَا الْكَلَامَ تَمَامٌ لِمَا وَعَدَ اللَّهُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ بِهِ مِنْ إِهْلَاكِ أَعْدَائِهِ وَمَعْنَى صَرْفِهِمْ إِهْلَاكُهُمْ فَلَا يَقْدِرُونَ عَلَى منع موسى من تبليغها ولا على منع الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْإِيمَانِ بِهَا وَهُوَ شَبِيهٌ بِقَوْلِهِ: بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 15  صفحه : 365
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست