responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 15  صفحه : 471
وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ [الْأَنْعَامِ: 28] فَأَخْبَرَ عَنِ الْمَعْدُومِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَوْجُودًا كيف يكون حاله.

[سورة الأنفال (8) : آية 24]
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24)
فِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَالزَّجَّاجُ اسْتَجِيبُوا مَعْنَاهُ أَجِيبُوا وَأَنْشَدَ قَوْلَ الشَّاعِرِ:
فَلَمْ يَسْتَجِبْهُ عِنْدَ ذَاكَ مُجِيبُ
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ ظَاهِرَ الْأَمْرِ لِلْوُجُوبِ، وَتَمَسَّكُوا بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِهِمْ مِنْ وَجْهَيْنِ:
الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: أَنَّ كُلَّ مَنْ أَمَرَهُ اللَّه بِفِعْلٍ فَقَدْ دَعَاهُ إِلَى ذَلِكَ الْفِعْلِ وَهَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ الْإِجَابَةِ فِي كُلِّ مَا دَعَاهُ اللَّه إِلَيْهِ.
فَإِنْ قِيلَ: قَوْلُهُ: اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ أَمْرٌ. فَلِمَ قُلْتُمْ: إِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ؟ وَهَلِ النِّزَاعُ إِلَّا فِيهِ، فَيَرْجِعُ حَاصِلُ هَذَا الْكَلَامِ إِلَى إِثْبَاتِ أَنَّ الْأَمْرَ لِلْوُجُوبِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ يُفِيدُ الْوُجُوبَ، وَهُوَ يَقْتَضِي إِثْبَاتَ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ وَهُوَ مُحَالٌ.
وَالْجَوَابُ: أَنَّ مِنَ الْمَعْلُومِ بِالضَّرُورَةِ أَنَّ كُلَّ مَا أَمَرَ اللَّه بِهِ فَهُوَ مُرَغَّبٌ فِيهِ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ، فَلَوْ حَمَلْنَا قَوْلَهُ:
اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى كَانَ هَذَا جَارِيًا مَجْرَى إِيضَاحِ الْوَاضِحَاتِ وَأَنَّهُ عَبَثٌ، فَوَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى فَائِدَةٍ زَائِدَةٍ، وَهِيَ الْوُجُوبُ صَوْنًا لِهَذَا النَّصِّ عَنِ التَّعْطِيلِ، وَيَتَأَكَّدُ هَذَا بِأَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى بَعْدَ ذَلِكَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ جَارٍ مَجْرَى التَّهْدِيدِ وَالْوَعِيدِ، وَذَلِكَ لَا يَلِيقُ إِلَّا بِالْإِيجَابِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: فِي الِاسْتِدْلَالِ بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى ثُبُوتِ هَذَا الْمَطْلُوبِ. مَا
رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ عَلَى بَابِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فَنَادَاهُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَعَجَّلَ فِي صَلَاتِهِ ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ: «مَا مَنَعَكَ عَنْ إِجَابَتِي» قَالَ كُنْتُ أُصَلِّي قَالَ: «أَلَمْ تُخْبَرْ فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ اسْتَجِيبُوا للَّه وَلِلرَّسُولِ» فَقَالَ: لَا جَرَمَ لَا تَدْعُونِي إِلَّا أُجِيبُكَ،
وَالِاسْتِدْلَالُ بِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا دَعَاهُ فَلَمْ يُجِبْهُ لَامَهُ عَلَى تَرْكِ الْإِجَابَةِ، وَتَمَسَّكَ فِي تَقْرِيرِ ذَلِكَ اللَّوْمِ بِهَذِهِ الْآيَةِ فَلَوْلَا دَلَالَةُ هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى الْوُجُوبِ، وَإِلَّا لَمَا صَحَّ ذَلِكَ الِاسْتِدْلَالُ وَقَوْلُ مَنْ يَقُولُ مَسْأَلَةُ أَنَّ الْأَمْرَ يُفِيدُ الْوُجُوبَ، مَسْأَلَةٌ قَطْعِيَّةٌ، فَلَا يَجُوزُ التَّمَسُّكُ فِيهَا بِخَبَرِ الْوَاحِدِ ضَعِيفٌ، لِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْأَمْرِ يُفِيدُ الْوُجُوبَ مَسْأَلَةٌ قَطْعِيَّةٌ، بَلْ هِيَ عِنْدَنَا مَسْأَلَةٌ ظَنِّيَّةٌ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا الْعَمَلُ، وَالدَّلَائِلُ الظَّنِّيَّةُ كَافِيَةٌ فِي الْمَطَالِبِ الْعَمَلِيَّةِ.
فَإِنْ قَالُوا: إِنَّهُ تَعَالَى مَا أَمَرَ بِالْإِجَابَةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ بَلْ بِشَرْطٍ خَاصٍّ وَهُوَ قَوْلُهُ: إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ فَلِمَ قُلْتُمْ إِنَّ هَذَا الشَّرْطَ حَاصِلٌ فِي جَمِيعِ الْأَوَامِرِ؟
قُلْنَا: قِصَّةُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ عَامٌّ وَغَيْرُ مَخْصُوصٍ بِشَرْطٍ مُعَيَّنٍ، وأيضاً فلا يمكن حمل الحياة هاهنا عَلَى نَفْسِ الْحَيَاةِ. لِأَنَّ إِحْيَاءَ الْحَيِّ مُحَالٌ. فَوَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى شَيْءٍ آخَرَ وَهُوَ الْفَوْزُ/ بالثواب، وكل
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 15  صفحه : 471
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست