responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 15  صفحه : 399
فِي بَدَنٍ آخَرَ مَعَ أَنَّا فِي هَذَا الْبَدَنِ لَا نَتَذَكَّرُ شَيْئًا مِنْ تِلْكَ الْأَحْوَالِ. وَبِالْجُمْلَةِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ هَذَا الْقَوْلِ وَبَيْنَ مَذْهَبِ أَهْلِ التَّنَاسُخِ فَإِنْ لَمْ يَبْعُدِ الْتِزَامُ هَذَا الْقَوْلِ لَمْ يَبْعُدْ أَيْضًا الْتِزَامُ مَذْهَبِ التَّنَاسُخِ.
الْحُجَّةُ الْخَامِسَةُ: أَنَّ جَمِيعَ الْخَلْقِ الَّذِينَ خَلَقَهُمُ اللَّه مِنْ أَوْلَادِ آدَمَ عَدَدٌ عَظِيمٌ وكثيرة، فالمجموع الحاصل من تلك الذرات يَبْلُغُ مَبْلَغًا عَظِيمًا فِي الْحَجْمِيَّةِ وَالْمِقْدَارِ وَصُلْبُ آدَمَ عَلَى صِغَرِهِ يَبْعُدُ أَنْ يَتَّسِعَ لِذَلِكَ الْمَجْمُوعِ.
الْحُجَّةُ السَّادِسَةُ: أَنَّ الْبِنْيَةَ شَرْطٌ لِحُصُولِ الْحَيَاةِ وَالْعَقْلِ وَالْفَهْمِ، إِذْ لَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَمْ يَبْعُدْ فِي كُلِّ ذَرَّةٍ مِنْ ذَرَّاتِ الْهَبَاءِ أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا فَاهِمًا مُصَنِّفًا لِلتَّصَانِيفِ الْكَثِيرَةِ فِي الْعُلُومِ الدَّقِيقَةِ. وَفَتْحُ هَذَا الْبَابِ يُفْضِي إِلَى الْتِزَامِ الْجَهَالَاتِ. وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْبِنْيَةَ شَرْطٌ لِحُصُولِ الْحَيَاةِ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ تِلْكَ الذَّرَّاتِ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا فَاهِمًا عَاقِلًا إِلَّا إِذَا حَصَلَتْ لَهُ قُدْرَةٌ مِنَ الْبِنْيَةِ وَاللَّحْمِيَّةِ وَالدَّمِيَّةِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَمَجْمُوعُ تِلْكَ الْأَشْخَاصِ الَّذِينَ خَرَجُوا إِلَى الْوُجُودِ مَنْ أَوَّلِ تَخْلِيقِ آدَمَ إِلَى آخِرِ قِيَامِ الْقِيَامَةِ لَا تَحْوِيهِمْ عَرْصَةُ الدُّنْيَا، فَكَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إِنَّهُمْ بِأَسْرِهِمْ حَصَلُوا دُفْعَةً وَاحِدَةً فِي صُلْبِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ؟
الْحُجَّةُ السَّابِعَةُ: قَالُوا هَذَا الْمِيثَاقُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ أَخَذَهُ اللَّه مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لِيَصِيرَ حُجَّةً عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، أَوْ لِيَصِيرَ حُجَّةً عَلَيْهِمْ عِنْدَ دُخُولِهِمْ فِي دَارِ الدُّنْيَا. وَالْأَوَّلُ بَاطِلٌ لِانْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ بِسَبَبِ ذَلِكَ الْقَدْرِ مِنَ الْمِيثَاقِ لَا يَصِيرُونَ مُسْتَحِقِّينَ لِلثَّوَابِ وَالْعِقَابِ وَالْمَدْحِ وَالذَّمِّ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَطْلُوبُ مِنْهُ أَنْ يَصِيرَ ذَلِكَ حُجَّةً عَلَيْهِمْ عِنْدَ دُخُولِهِمْ فِي دَارِ الدُّنْيَا لِأَنَّهُمْ لَمَّا لَمْ يَذْكُرُوا ذَلِكَ الْمِيثَاقَ فِي الدُّنْيَا فَكَيْفَ يَصِيرُ ذَلِكَ حُجَّةً عَلَيْهِمْ فِي التَّمَسُّكِ بِالْإِيمَانِ؟
الْحُجَّةُ الثَّامِنَةُ: قَالَ الْكَعْبِيُّ: إِنَّ حَالَ أُولَئِكَ الذُّرِّيَّةِ لَا يَكُونُ أَعْلَى فِي الْفَهْمِ وَالْعِلْمِ مِنْ حَالِ الْأَطْفَالِ، وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ تَوْجِيهُ التَّكْلِيفِ عَلَى الطِّفْلِ، فَكَيْفَ يُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ عَلَى أُولَئِكَ الذَّوَاتِ؟
وَأَجَابَ الزَّجَّاجُ عَنْهُ فَقَالَ: لَمَّا لَمْ يَبْعُدْ أَنْ يُؤْتِيَ اللَّه النمل العقل كما قال: قالَتْ نَمْلَةٌ يا أَيُّهَا النَّمْلُ [النَّمْلِ: 18] وَأَنْ يُعْطِيَ الْجَبَلَ الْفَهْمَ حَتَّى يُسَبِّحَ كَمَا قَالَ: وَسَخَّرْنا مَعَ داوُدَ الْجِبالَ يُسَبِّحْنَ [الْأَنْبِيَاءِ: 79] وَكَمَا أَعْطَى اللَّه الْعَقْلَ لِلْبَعِيرِ حَتَّى سَجَدَ لِلرَّسُولِ، وَلِلنَّخْلَةِ حَتَّى سَمِعَتْ وَانْقَادَتْ حين دعيت فكذا هاهنا.
الْحُجَّةُ التَّاسِعَةُ: أَنَّ أُولَئِكَ الذَّرِّ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ إِمَّا أَنْ يَكُونُوا كَامِلِي الْعُقُولِ وَالْقَدْرِ أَوْ مَا كَانُوا/ كَذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ كَانُوا مُكَلَّفِينَ لَا مَحَالَةَ وَإِنَّمَا يَبْقُونَ مُكَلَّفِينَ إِذَا عَرَفُوا اللَّه بِالِاسْتِدْلَالِ وَلَوْ كَانُوا كَذَلِكَ لَمَا امْتَازَتْ أَحْوَالُهُمْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ عَنْ أَحْوَالِهِمْ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، فَلَوِ افْتَقَرَ التَّكْلِيفُ فِي الدُّنْيَا إِلَى سَبْقِ ذَلِكَ الْمِيثَاقِ لا فتقر التَّكْلِيفُ فِي وَقْتِ ذَلِكَ الْمِيثَاقِ إِلَى سَبْقِ مِيثَاقٍ آخَرَ وَلَزِمَ التَّسَلْسُلُ وَهُوَ مُحَالٌ. وَأَمَّا الثَّانِي: وَهُوَ أَنْ يُقَالَ إِنَّهُمْ فِي وَقْتِ ذَلِكَ الْمِيثَاقِ مَا كَانُوا كَامِلِي الْعُقُولِ وَلَا كَامِلِي الْقَدْرِ، فَحِينَئِذٍ يَمْتَنِعُ تَوْجِيهُ الْخِطَابِ وَالتَّكْلِيفُ عَلَيْهِمْ.
الْحُجَّةُ الْعَاشِرَةُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ [الطَّارِقِ: 5، 6] وَلَوْ كَانَتْ تِلْكَ الذَّرَّاتُ عُقَلَاءَ فَاهِمِينَ كَامِلِينَ، لَكَانُوا مَوْجُودِينَ قَبْلَ هَذَا الْمَاءِ الدَّافِقِ وَلَا مَعْنَى لِلْإِنْسَانِ إِلَّا ذَلِكَ الشَّيْءُ فَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ الْإِنْسَانُ مَخْلُوقًا مِنَ الْمَاءِ الدَّافِقِ وَذَلِكَ رَدٌّ لِنَصِّ الْقُرْآنِ.
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 15  صفحه : 399
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست