responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 13  صفحه : 53
وَيُونُسُ، وَلُوطٌ. فَإِذَا اعْتَبَرْنَا هَذَا الْوَجْهَ الَّذِي رَاعَيْنَاهُ ظَهَرَ أَنَّ التَّرْتِيبَ حَاصِلٌ فِي ذِكْرِ هَؤُلَاءِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ بِحَسَبِ هَذَا الْوَجْهِ الَّذِي شَرَحْنَاهُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَالَ تَعَالَى: وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنا اخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُ تَعَالَى إِلَى مَاذَا هَدَاهُمْ؟ وَكَذَا الْكَلَامُ فِي قَوْلِهِ: وَنُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ وَكَذَا قَوْلُهُ فِي آخِرِ الْآيَةِ: ذلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ.
قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ: الْمُرَادُ مِنْ هَذِهِ الْهِدَايَةِ الثَّوَابُ الْعَظِيمُ، وَهِيَ الْهِدَايَةُ إِلَى طَرِيقِ الْجَنَّةِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ هَذِهِ الْهِدَايَةَ قَالَ بَعْدَهَا: وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ تِلْكَ الْهِدَايَةَ كَانَتْ جَزَاءَ الْمُحْسِنِينَ عَلَى إِحْسَانِهِمْ وَجَزَاءُ الْمُحْسِنِ عَلَى إِحْسَانِهِ لَا يَكُونُ إِلَّا الثَّوَابَ، فَثَبَتَ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ هَذِهِ الْهِدَايَةِ هُوَ الْهِدَايَةُ إِلَى الْجَنَّةِ. فَأَمَّا الْإِرْشَادُ إِلَى الدِّينِ وَتَحْصِيلُ الْمَعْرِفَةِ فِي قَلْبِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ جَزَاءً لَهُ عَلَى عَمَلِهِ، وَأَيْضًا لَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ مِنْ هَذِهِ الْهِدَايَةِ هُوَ الْهِدَايَةُ إِلَى الدِّينِ وَالْمَعْرِفَةِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ كَانَ جَزَاءً عَلَى الْإِحْسَانِ الصَّادِرِ مِنْهُمْ، لِأَنَّهُمُ اجْتَهَدُوا فِي طَلَبِ الْحَقِّ، فاللَّه تَعَالَى جَازَاهُمْ عَلَى حُسْنِ طَلَبِهِمْ بِإِيصَالِهِمْ إِلَى الْحَقِّ، كَمَا قَالَ: وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا [الْعَنْكَبُوتِ: 69] .
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ هَذِهِ الْهِدَايَةِ: الْإِرْشَادُ إِلَى النُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ، لِأَنَّ الْهِدَايَةَ الْمَخْصُوصَةَ بِالْأَنْبِيَاءِ لَيْسَتْ إِلَّا ذَلِكَ.
فَإِنْ قَالُوا: لَوْ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ لَكَانَ قَوْلُهُ: وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ يَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ الرِّسَالَةُ جَزَاءً عَلَى عَمَلٍ، وَذَلِكَ عِنْدَكُمْ بَاطِلٌ.
قُلْنَا: يُحْمَلُ قَوْلُهُ: وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ عَلَى الْجَزَاءِ الَّذِي هُوَ الثَّوَابُ وَالْكَرَامَةُ، فَيَزُولُ الْإِشْكَالُ. واللَّه أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: احْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ أَفْضَلُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى بَعْدَ ذِكْرِ هَؤُلَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ: وَكلًّا فَضَّلْنا عَلَى الْعالَمِينَ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعَالَمَ اسْمٌ لِكُلِّ مَوْجُودٍ سِوَى اللَّه تَعَالَى، فَيَدْخُلُ فِي لَفْظِ الْعَالَمِ الْمَلَائِكَةُ، فَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَكلًّا فَضَّلْنا عَلَى الْعالَمِينَ يَقْتَضِي كَوْنَهُمْ أَفْضَلَ مِنْ كُلِّ الْعَالَمِينَ. وَذَلِكَ يَقْتَضِي كَوْنَهُمْ أَفْضَلَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، وَمِنَ الْأَحْكَامِ الْمُسْتَنْبَطَةِ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ: أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ يَجِبُ أَنْ يَكُونُوا أَفْضَلَ مِنْ كُلِّ الْأَوْلِيَاءِ، لِأَنَّ عُمُومَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَكلًّا فَضَّلْنا عَلَى الْعالَمِينَ يُوجِبُ ذَلِكَ. قَالَ بَعْضُهُمْ:
وَكلًّا فَضَّلْنا عَلَى الْعالَمِينَ مَعْنَاهُ فَضَّلْنَاهُ عَلَى عَالَمِي زَمَانِهِمْ. قَالَ الْقَاضِي: وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ: وَكُلًّا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ يُفَضَّلُونَ عَلَى كُلِّ مَنْ سِوَاهُمْ مِنَ الْعَالَمِينَ. ثُمَّ الْكَلَامُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي أَنَّ أَيَّ الْأَنْبِيَاءِ أَفْضَلُ مِنْ بَعْضِ، كَلَامٌ وَاقِعٌ فِي نَوْعٍ آخَرَ لَا تَعْلُّقَ به بِالْأَوَّلِ واللَّه أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَاللَّيْسَعَ بِتَشْدِيدِ اللَّامِ وَسُكُونِ الْيَاءِ، وَالْبَاقُونَ وَالْيَسَعَ بِلَامٍ وَاحِدَةٍ. قَالَ الزَّجَّاجُ: يُقَالُ فِيهِ اللَّيْسَعُ وَالْيَسَعُ بِتَشْدِيدِ اللَّامِ وَتَخْفِيفِهَا.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ مِنْ ذُرِّيَّةِ رَسُولِ اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وَسَلَّمَ، لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى جَعَلَ عِيسَى مِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ مَعَ أَنَّهُ لَا يَنْتَسِبُ إِلَى إِبْرَاهِيمَ إِلَّا بِالْأُمِّ، فَكَذَلِكَ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ مِنْ ذُرِّيَّةِ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عليه وآله وسلّم، وإن
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 13  صفحه : 53
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست