responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 13  صفحه : 5
الجزء الثالث عشر
[تتمة سورة الأنعام]
بسم اللَّه الرحمن الرحيم

[سورة الأنعام (6) : آية 54]
وَإِذا جاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (54)
[فِي قَوْلُهُ تَعَالَى وَإِذا جاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا] فِي الْآيَةِ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: اخْتَلَفُوا فِي قَوْلِهِ وَإِذا جاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا فَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ عَلَى إِطْلَاقِهِ فِي كُلِّ مَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ نَزَلَ فِي أَهْلِ الصُّفَّةِ الَّذِينَ سَأَلَ الْمُشْرِكُونَ الرَّسُولَ عَلَيْهِ السَّلَامُ طَرْدَهُمْ وَإِبْعَادَهُمْ، فَأَكْرَمَهُمُ اللَّه بِهَذَا الْإِكْرَامِ. وَذَلِكَ لِأَنَّهُ تَعَالَى نَهَى الرَّسُولَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوَّلًا عَنْ طَرْدِهِمْ ثُمَّ أَمَرَهُ بِأَنْ يُكْرِمَهُمْ بِهَذَا النَّوْعِ مِنَ الْإِكْرَامِ.
قَالَ عِكْرِمَةُ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَآهُمْ بَدَأَهُمْ بِالسَّلَامِ وَيَقُولُ: «الْحَمْدُ للَّه الَّذِي جَعَلَ فِي أُمَّتِي مَنْ أَمَرَنِي أَنْ أَبْدَأَهُ بِالسَّلَامِ»
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا: أَنَّ عُمَرَ لَمَّا اعْتَذَرَ مِنْ مَقَالَتِهِ وَاسْتَغْفَرَ اللَّه مِنْهَا. وَقَالَ لِلرَّسُولِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، مَا أَرَدْتُ بِذَلِكَ إِلَّا الْخَيْرَ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ أَقْدَمُوا عَلَى ذُنُوبٍ، ثُمَّ جَاءُوهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُظْهِرِينَ لِلنَّدَامَةِ وَالْأَسَفِ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِيهِمْ وَالْأَقْرَبُ مِنْ هَذِهِ الْأَقَاوِيلِ أَنْ تُحْمَلَ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى عُمُومِهَا، فَكُلُّ مَنْ آمَنَ باللَّه دخل تحت هذا التشريف.
ولي هاهنا إِشْكَالٌ، وَهُوَ: أَنَّ النَّاسَ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ هَذِهِ السُّورَةَ نَزَلَتْ دُفْعَةً وَاحِدَةً، وَإِذَا/ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، فَكَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ فِي كل واحدة من آيات السُّورَةِ أَنَّ سَبَبَ نُزُولِهَا هُوَ الْأَمْرُ الْفُلَانِيُّ بِعَيْنِهِ؟
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ: وَإِذا جاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا مُشْتَمِلٌ عَلَى أَسْرَارٍ عَالِيَةٍ، وَذَلِكَ لِأَنَّ مَا سِوَى اللَّه تَعَالَى فَهُوَ آيَاتُ وُجُودِ اللَّه تَعَالَى، وَآيَاتُ صِفَاتِ جَلَالِهِ وَإِكْرَامِهِ وَكِبْرِيَائِهِ، وَآيَاتُ وَحْدَانِيَّتِهِ، وَمَا سِوَى اللَّه فَلَا نِهَايَةَ لَهُ، وَمَا لَا نِهَايَةَ لَهُ فَلَا سَبِيلَ لِلْعَقْلِ فِي الْوُقُوفِ عَلَيْهِ عَلَى التَّفْصِيلِ التَّامِّ، إِلَّا أَنَّ الْمُمْكِنَ هُوَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَى بَعْضِ الْآيَاتِ وَيَتَوَسَّلَ بِمَعْرِفَتِهَا إِلَى مَعْرِفَةِ اللَّه تَعَالَى ثُمَّ يُؤْمِنَ بِالْبَقِيَّةِ عَلَى سَبِيلِ الْإِجْمَالِ ثُمَّ إِنَّهُ يَكُونُ مُدَّةَ حَيَاتِهِ كَالسَّائِحِ فِي تِلْكَ الْقِفَارِ، وَكَالسَّابِحِ فِي تِلْكَ الْبِحَارِ. وَلَمَّا كَانَ لَا نِهَايَةَ لَهَا فَكَذَلِكَ لَا نِهَايَةَ لِتَرَقِّي الْعَبْدِ فِي مَعَارِجِ تِلْكَ الْآيَاتِ، وَهَذَا مُشَرَّعٌ جُمَلِيٌّ لَا نِهَايَةَ لِتَفَاصِيلِهِ. ثُمَّ إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا صَارَ مَوْصُوفًا بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَعِنْدَ هَذَا أَمَرَ اللَّه مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنْ يَقُولَ لَهُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ فَيَكُونُ هَذَا التَّسْلِيمُ بِشَارَةً لِحُصُولِ السَّلَامَةِ. وَقَوْلُهُ: كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ بِشَارَةً لِحُصُولِ الرحمة عقيب تلك السلامة. أما السلامة فالنجاة مِنْ بَحْرِ عَالَمِ الظُّلُمَاتِ وَمَرْكَزِ الْجُسْمَانِيَّاتِ وَمَعْدِنِ الْآفَاتِ وَالْمُخَالَفَاتِ وَمَوْضِعِ التَّغْيِيرَاتِ وَالتَّبْدِيلَاتِ، وَأَمَّا الْكَرَامَاتُ فَبِالْوُصُولِ إِلَى الْبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ وَالْمُجَرَّدَاتِ الْمُقَدَّسَاتِ، وَالْوُصُولِ إِلَى فُسْحَةِ عَالَمِ الْأَنْوَارِ وَالتَّرَقِّي إِلَى مَعَارِجِ سُرَادِقَاتِ الْجَلَالِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: ذَكَرَ الزَّجَّاجُ عَنِ الْمُبَرِّدِ. أَنَّ السَّلَامَةَ فِي اللُّغَةِ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءٍ، فَمِنْهَا سَلَّمْتُ سَلَامًا وَهُوَ مَعْنَى
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 13  صفحه : 5
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست