responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 13  صفحه : 167
الِاعْتِبَارَاتِ كَمَا أَنَّا إِذَا قُلْنَا: إِنَّهُ تَعَالَى حَرَّمَ ذَبْحَ بَعْضِ الْحَيَوَانَاتِ لِأَجْلِ الْأَكْلِ. فَإِذَا قِيلَ: إِنَّ ذَلِكَ الْحَيَوَانَ إِنْ كَانَ قَدْ حُرِّمَ لِكَوْنِهِ ذَكَرًا وَجَبَ أَنْ يُحَرَّمَ كُلُّ حَيَوَانٍ ذَكَرٍ وَإِنْ كَانَ قَدْ حُرِّمَ لِكَوْنِهِ أُنْثَى وَجَبَ أَنْ يُحَرَّمَ كُلُّ حَيَوَانٍ أُنْثَى وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ هَذَا الْكَلَامُ لَازِمًا عَلَيْنَا فَكَذَا هَذَا الْوَجْهُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُفَسِّرُونَ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ وَيَجِبُ عَلَى الْعَاقِلِ أَنْ يَذْكُرَ فِي تَفْسِيرِ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى وَجْهًا صَحِيحًا فَأَمَّا تَفْسِيرُهُ بِالْوُجُوهِ الْفَاسِدَةِ فَلَا يَجُوزُ وَالْأَقْرَبُ عِنْدِي فِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يُقَالَ: إِنَّ هَذَا الْكَلَامَ مَا وَرَدَ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِدْلَالِ عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِهِمْ بَلْ هُوَ اسْتِفْهَامٌ عَلَى سَبِيلِ الْإِنْكَارِ يَعْنِي أَنَّكُمْ لَا تُقِرُّونَ بِنُبُوَّةِ نَبِيٍّ وَلَا تَعْرِفُونَ شَرِيعَةَ شَارِعٍ فَكَيْفَ تَحْكُمُونَ بِأَنَّ هَذَا يَحِلُّ وَأَنَّ ذَلِكَ يَحْرُمُ؟ وَثَانِيهِمَا: أَنَّ حُكْمَهُمْ بِالْبَحِيرَةِ وَالسَّائِبَةِ وَالْوَصِيلَةِ وَالْحَامِ مَخْصُوصٌ بِالْإِبِلِ فَاللَّهُ تَعَالَى بَيَّنَ أَنَّ النِّعَمَ عِبَارَةٌ عَنْ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ الْأَرْبَعَةِ فَلَمَّا لَمْ تَحْكُمُوا بِهَذِهِ الْأَحْكَامِ فِي الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ وَهِيَ: الضَّأْنُ وَالْمَعْزُ وَالْبَقَرُ فَكَيْفَ خَصَصْتُمُ الْإِبِلَ بِهَذَا الْحُكْمِ عَلَى التَّعْيِينِ؟ فَهَذَا مَا عِنْدِي فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمُرَادِهِ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهذا وَالْمُرَادُ هَلْ شَاهَدْتُمُ اللَّهَ حَرَّمَ هَذَا إِنْ كُنْتُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِرَسُولٍ؟ وَحَاصِلُ الْكَلَامِ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ: أَنَّكُمْ لَا تَعْتَرِفُونَ بِنُبُوَّةِ أَحَدٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ فَكَيْفَ تُثْبِتُونَ هَذِهِ الْأَحْكَامَ الْمُخْتَلِفَةَ؟ وَلَمَّا بَيَّنَ ذَلِكَ قَالَ: فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:
يُرِيدُ عَمْرَو بْنَ لُحَيٍّ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي غَيَّرَ شَرِيعَةَ إِسْمَاعِيلَ وَالْأَقْرَبُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مَحْمُولًا عَلَى كُلِّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ لِأَنَّ اللَّفْظَ عَامٌّ وَالْعِلَّةُ الْمُوجِبَةُ لِهَذَا الْحُكْمِ عَامَّةٌ/ فَالتَّخْصِيصُ تَحَكُّمٌ مَحْضٌ. قَالَ الْمُحَقِّقُونَ: إِذَا ثَبَتَ أَنَّ مَنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ فِي تَحْرِيمِ مُبَاحٍ اسْتَحَقَّ هَذَا الْوَعِيدَ الشَّدِيدَ فَمَنِ افْتَرَى عَلَى. اللَّهِ الْكَذِبَ فِي مَسَائِلِ التَّوْحِيدِ وَمَعْرِفَةِ الذَّاتِ وَالصِّفَاتِ وَالنُّبُوَّاتِ وَالْمَلَائِكَةِ وَمَبَاحِثِ الْمَعَادِ كَانَ وَعِيدُهُ أَشَدَّ وَأَشَقَّ: قَالَ الْقَاضِي: وَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْإِضْلَالَ عَنِ الدِّينِ مَذْمُومٌ لَا يَلِيقُ بِاللَّهِ لِأَنَّهُ تَعَالَى إِذَا ذَمَّ الْإِضْلَالَ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ إِلَّا تَحْرِيمُ الْمُبَاحِ فَالَّذِي هُوَ أَعْظَمُ مِنْهُ أَوْلَى بِالذَّمِّ.
وَجَوَابُهُ: أَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ مَا كَانَ مَذْمُومًا مِنَّا كَانَ مَذْمُومًا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى أَلَا تَرَى أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ وَتَسْلِيطَ الشَّهْوَةِ عَلَيْهِمْ وَتَمْكِينَهُمْ مِنْ أَسْبَابِ الْفُجُورِ مَذْمُومٌ مِنَّا وَغَيْرُ مَذْمُومٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى فَكَذَا هَاهُنَا.
ثُمَّ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ قَالَ القاضي: لا يهديهم الا ثَوَابِهِ وَإِلَى زِيَادَاتِ الْهُدَى الَّتِي يَخْتَصُّ الْمُهْتَدِيَ بِهَا. وَقَالَ أَصْحَابُنَا: الْمُرَادُ مِنْهُ الْإِخْبَارُ بِأَنَّهُ تَعَالَى لَا يَهْدِي أُولَئِكَ الْمُشْرِكِينَ أَيْ لَا يَنْقُلُهُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْكُفْرِ إِلَى نُورِ الْإِيمَانِ وَالْكَلَامُ فِي تَرْجِيحِ أَحْدِ الْقَوْلَيْنِ عَلَى الْآخَرِ معلوم.

[سورة الأنعام (6) : الآيات 145 الى 147]
قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (145) وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُما أَوِ الْحَوايا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصادِقُونَ (146) فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ واسِعَةٍ وَلا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (147)
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 13  صفحه : 167
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست