responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 13  صفحه : 136
محمد صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ قَالُوا: لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى يَحْصُلَ لَنَا مِثْلُ هَذَا الْمَنْصِبِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى نِهَايَةِ حَسَدِهِمْ وَأَنَّهُمْ إِنَّمَا بَقُوا مُصِرِّينَ عَلَى الْكُفْرِ لَا لِطَلَبِ الْحُجَّةِ وَالدَّلَائِلِ بَلْ لِنِهَايَةِ الْحَسَدِ قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ: وَاللَّهِ لَوْ كَانَتِ النُّبُوَّةُ حَقًّا لَكُنْتُ أَنَا أَحَقَّ بِهَا مِنْ مُحَمَّدٍ فَإِنِّي أَكْثَرُ مِنْهُ مَالًا وَوَلَدًا فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَقَالَ الضَّحَّاكُ: أَرَادَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يُخَصَّ بِالْوَحْيِ وَالرِّسَالَةِ كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ فِي قَوْلِهِ: بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً [الْمُدَّثِّرِ: 52] فَظَاهِرُ الْآيَةِ الَّتِي نَحْنُ فِي تَفْسِيرِهَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: وَإِذا جاءَتْهُمْ آيَةٌ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ جَمَاعَةً مِنْهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ هَذَا الْكَلَامَ وَأَيْضًا فَمَا قَبْلَ هَذِهِ الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا وَهُوَ قَوْلُهُ: وَكَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها لِيَمْكُرُوا فِيها [الانعام: 123] ثُمَّ ذَكَرَ عَقِيبَ تِلْكَ الْآيَةِ أَنَّهُمْ قَالُوا: لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ وَظَاهِرُهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَكْرَ الْمَذْكُورَ فِي الْآيَةِ الْأُولَى هُوَ هَذَا الْكَلَامُ الْخَبِيثُ وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ فَفِيهِ قَوْلَانِ:
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ أَرَادَ الْقَوْمُ أَنْ تَحْصُلَ لَهُمُ النُّبُوَّةُ وَالرِّسَالَةُ كَمَا حَصَلَتْ لِمُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَأَنْ يَكُونُوا مَتْبُوعِينَ لَا تَابِعِينَ وَمَخْدُومِينَ لَا خَادِمِينَ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ وَمَنْقُولٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ الْمَعْنَى وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ مِنَ الْقُرْآنِ تَأْمُرُهُمْ بِاتِّبَاعِ النَّبِيِّ قَالُوا: لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى تؤتي مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ وَهُوَ قَوْلُ مُشْرِكِي الْعَرَبِ لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً إِلَى قَوْلِهِ: حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ [الْإِسْرَاءِ: 90- 93] / مِنَ اللَّهِ إِلَى أَبِي جَهْلٍ وَإِلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ كِتَابًا عَلَى حِدَةٍ وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ: فَالْقَوْمُ مَا طَلَبُوا النُّبُوَّةَ وَإِنَّمَا طَلَبُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ آيَاتٌ قَاهِرَةٌ وَمُعْجِزَاتٌ ظَاهِرَةٌ مِثْلَ مُعْجِزَاتِ الْأَنْبِيَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ كَيْ تَدُلَّ عَلَى صِحَّةِ نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ الْمُحَقِّقُونَ: وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَقْوَى وَأَوْلَى لِأَنَّ قَوْلَهُ: اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ لَا يَلِيقُ إِلَّا بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَلِمَنْ يَنْصُرُ الْقَوْلَ الثَّانِيَ أَنْ يَقُولَ: إِنَّهُمْ لَمَّا اقْتَرَحُوا تِلْكَ الْآيَاتِ الْقَاهِرَةَ فَلَوْ أَجَابَهُمُ اللَّهُ إِلَيْهَا وَأَظْهَرَ تِلْكَ الْمُعْجِزَاتِ عَلَى وَفْقِ الْتِمَاسِهِمْ لَكَانُوا قَدْ قَرُبُوا مِنْ مَنْصِبِ الرِّسَالَةِ وَحِينَئِذٍ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ
جَوَابًا عَلَى هَذَا الْكَلَامِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ فَالْمَعْنَى أَنَّ لِلرِّسَالَةِ مَوْضِعًا مَخْصُوصًا لَا يَصْلُحُ وَضْعُهَا إِلَّا فِيهِ فَمَنْ كَانَ مَخْصُوصًا مَوْصُوفًا بِتِلْكَ الصِّفَاتِ الَّتِي لِأَجْلِهَا يَصْلُحُ وَضْعُ الرِّسَالَةِ فِيهِ كَانَ رَسُولًا وَإِلَّا فَلَا وَالْعَالِمُ بِتِلْكَ الصِّفَاتِ لَيْسَ إِلَّا اللَّهَ تَعَالَى.
وَاعْلَمْ أَنَّ النَّاسَ اخْتَلَفُوا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: النُّفُوسُ وَالْأَرْوَاحُ مُتَسَاوِيَةٌ فِي تَمَامِ الْمَاهِيَّةِ فَحُصُولُ النُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ لِبَعْضِهَا دُونَ الْبَعْضِ تَشْرِيفٌ مِنَ اللَّهِ وَإِحْسَانٌ وَتَفَضُّلٌ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلِ النُّفُوسُ الْبَشَرِيَّةُ مُخْتَلِفَةٌ بِجَوَاهِرِهَا وَمَاهِيَّاتِهَا فَبَعْضُهَا خَيِّرَةٌ طَاهِرَةٌ مِنْ عَلَائِقِ الْجِسْمَانِيَّاتِ مُشْرِقَةٌ بِالْأَنْوَارِ الْإِلَهِيَّةِ مُسْتَعْلِيَةٌ مُنَوَّرَةٌ وَبَعْضُهَا خَسِيسَةٌ كَدِرَةٌ مُحِبَّةٌ لِلْجِسْمَانِيَّاتِ فَالنَّفْسُ مَا لَمْ تَكُنْ مِنَ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ لَمْ تَصْلُحْ لِقَبُولِ الْوَحْيِ وَالرِّسَالَةِ ثُمَّ إِنَّ الْقِسْمَ الْأَوَّلَ يَقَعُ الِاخْتِلَافُ فِيهِ بِالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ وَالْقُوَّةِ وَالضَّعْفِ إِلَى مَرَاتِبَ لَا نِهَايَةَ لَهَا فَلَا جَرَمَ كَانَتْ مَرَاتِبُ الرُّسُلِ مُخْتَلِفَةً فَمِنْهُمْ مَنْ حَصَلَتْ لَهُ الْمُعْجِزَاتُ الْقَوِيَّةُ وَالتَّبَعُ الْقَلِيلُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَصَلَتْ لَهُ مُعْجِزَةٌ وَاحِدَةٌ أَوِ اثْنَتَانِ وَحَصَلَ لَهُ تَبَعٌ عَظِيمٌ وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ الرِّفْقُ غَالِبًا عَلَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ التَّشْدِيدُ غَالِبًا
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 13  صفحه : 136
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست